وقوله : (وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ) أى : ما هم فيه من الكرامة والنّعيم (١).
١٥٥ ـ قوله تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) «النّون» فيه للتأكيد ، و «اللام» جواب قسم محذوف ، على تقدير (٢) : والله لنبلونّكم.
والمعنى : لنعاملنّكم معاملة المبتلى ؛ لأنّ الله تعالى يعلم عواقب الأمور ، فلا يحتاج إلى الابتلاء ليعلم العاقبة ؛ ولكنّه يعاملهم (٣) معاملة من يبتلى ؛ فمن صبر أثابه على صبره ، ومن لم يصبر لم يستحقّ الثواب.
وقوله : (بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ) قال ابن عباس : يعنى خوف العدوّ.
(وَالْجُوعِ) يعنى : المجاعة والقحط (وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ) يعنى : الخسران والنّقصان فى المال ، وهلاك المواشى (وَالْأَنْفُسِ) يعنى : بالموت والقتل والمرض والشّيب (وَالثَّمَراتِ) يعنى : الجوائح (٤) وألّا تخرج الثّمرة كما كانت تخرج.
ثم ختم الآية بتبشير الصّابرين ؛ ليدلّ على أنّ من صبر على هذه المصائب كان على وعد الثواب من الله تعالى ، فقال : (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ،) ثم نعتهم فقال :
١٥٦ ـ (الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) أى : نالتهم نكبة ممّا ذكر.
ولا يقال فيما يصيب بخير مصيبة. (قالُوا إِنَّا لِلَّهِ) أى : نحن وأموالنا لله يصنع بنا ما يشاء (وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) إقرار بالفناء والهلاك (٥).
__________________
(١) أ : «من النعيم والكرامة». حاشية ج : «قال الحسن : الشهداء أحياء عند الله تعرض أرزاقهم على أرواحهم. فيصل إليهم الروح والفرح ، كما تعرض النار على آل فرعون غدوة وعشيا فيصل إليهم الوجع». انظر (البحر المحيط ١ : ٤٤٩).
(٢) أ : «والتقدير».
(٣) أ : «ولكنه يعامله».
(٤) حاشية ج : «الجوع : الاستئصال» .. وروى الأزهرى عن الشافعى قال : جماع الجوائح : كل ما أذهب الثمر أو بعضها من أمر سماوى بغير جناية آدمى ؛ ومنه الحديث : «أمر بوضع الجوائح» أى : أمر بوضع صدقات ذوات الجوائح ، على حذف الاسمين ـ يعنى : ما أصيب من الأموال بآفة سماوية لا يؤخذ منه صدقة».
(٥) أ : «بالهلاك والفناء».