ومذهب «مالك» والشّافعىّ : أنّه لا يأمن بالالتجاء إليه ، ويستوفى
منه ما وجب عليه فى الحرم ؛ على ما روى فى الخبر : «أنّ الحرم لا يعيذ عاصيا» .
وعلى هذا فمعنى
قوله : (وَأَمْناً) : الأولى أن يأمن فيه الجانى ، فإن أخيف بإقامة الحدّ عليه جاز. وقد قال كثير من المفسّرين من
شاء آمن ومن شاء لم يؤمن ، كما أنّه لمّا جعله مثابة من شاء ثاب ، ومن شاء لم يثب.
وكان قبل
الإسلام يرى الرّجل قاتل أبيه فى الحرم فلا يتعرّض له. وهذا شىء كانوا توارثوه من
دين إسماعيل ، فبقوا عليه إلى أيّام النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فاليوم من أصاب فيه جريرة أقيم عليه الحدّ بالإجماع.
وقوله تعالى : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ
مُصَلًّى.)
قراءة أهل المدينة
والشام بفتح الخاء على معنى الخبر ، ويؤكّده أنّ الذى قبله والذى بعده خبر ، وهو
قوله : (وَإِذْ جَعَلْنَا ،) و (عَهِدْنا.) ومن قرأ : (وَاتَّخِذُوا) بالكسر على الأمر ، فحجّته فى ذلك ما :
أخبرنا أحمد بن
الحسن القاضى ، أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسىّ ، حدّثنا عبد الرحيم بن منيب المروزىّ
، حدّثنا يزيد بن هارون ، حدّثنا حميد ، عن أنس قال : قال عمر : وافقنى ربّى فى
ثلاث ، قلت : يا رسول الله ، لو اتّخذت من مقام إبراهيم مصلى ، فأنزل الله : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ
مُصَلًّى ؛) وقلت : يا رسول الله ، إنّه يدخل عليك البرّ والفاجر ،
فلو أمرت أمّهات المؤمنين بالحجاب ، فأنزل الله تعالى آية الحجاب ؛ قال : وبلغنى
بعض ما آذين به رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يعنى أزواجه ،
__________________