جاحمة وجحيم» ، قال الله تعالى : (فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ)(١).
١٢٠ ـ وقوله : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ.)
قال المفسّرون : كانت اليهود والنّصارى يسألون النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : الهدنة ، ويطمعونه (٢) ويرونه أنّه إن هادنهم وأمهلهم اتّبعوه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣) ؛ وأخبر أنّه لا يرضيهم إلّا ما يستحيل وجوده ، وما لا سبيل إليه ؛ لأنّ اليهود لا ترضى عنه إلا بالتهوّد ؛ والنّصارى إلّا بالتنصّر ، ويستحيل الجمع بينهما ، وإذا استحال إرضاءهم فهم لا يرضون أبدا. ومعنى (٤)(مِلَّتَهُمْ :) دينهم.
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى.)
قال ابن عباس : يريد أنّ الذى أنت عليه هو : دين الله الذى رضيه. (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) قال ابن عباس : يعنى صلّيت نحو قبلتهم. (بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) بأنّ دين الله الإسلام (٥) ، وأنّ القبلة هى الكعبة. والخطاب للنّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والمراد به أمّته ، لأنّه معصوم عن اتّباع هوى الكافرين. ([ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ]).
ثم ذكر أنّ من كان منهم غير متعنّت ولا حاسد ، ولا طالب رئاسة : تلا التّوراة كما أنزلت ، فرأى فيها أنّ النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حقّ ، فآمن به ؛ وهو قوله تعالى :
١٢١ ـ (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ).
__________________
(١) سورة الصافات : ٩٧. (اللسان ـ مادة : جحم) وفيه : «قال ابن سيدة : الجحيم : النار الشديدة التأجج ..»
(٢) فى الأصل المخطوط : «ويطعمونه» بتقديم العين ـ تحريف.
(٣) حاشية ج : «قال فى (الوجيز [للواحدى ١ : ٣٢]) : نزلت الآية فى تحويل القبلة ؛ وذلك أن اليهود والنصارى كانوا يرجون أن يرجع محمد صلىاللهعليهوسلم إلى دينهم ، فلما صرف الله القبلة إلى الكعبة شق عليهم ، وأيسوا منه أن يوافقهم على دينهم ، فأنزل الله هذه الآية. فعلى هذا معنى قوله : (حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) : دينهم وتصلى إلى قبلتهم وانظر (أسباب النزول للواحدى : ٣٧).
(٤) أ : «والمعنى».
(٥) ب : «وهو الإسلام».