هم النّصارى. وقال الحسن وقتادة : هم مشركو العرب (١) ؛ قالوا لمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : لا نؤمن لك حتى يكلّمنا الله (٢) : أنّك رسوله ، أو حتّى تأتينا «آية» (٣) بمثل الآيات التى أتت بها الرّسل : وهو قوله :
(لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ) أى : هلّا. تقول : «لو لا فعلت ما أمرتك» / ، بمعنى : هلّا فعلت ؛ وقد يقال : «لو ما» بهذا المعنى ، كقوله تعالى : (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ)(٤) أى : هلّا (٥).
وكلّ ما فى القرآن «لو لا» يفسّر على «هلّا» غير التى فى [سورة] الصّافّات : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ)(٦).
وقوله : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أراد : كفّار الأمم الخالية.
قال الزّجاج : أعلم الله أنّ كفرهم فى التّعنّت بطلب الآيات على اقتراحهم ككفر الّذين من قبلهم فى قولهم لموسى : (أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً)(٧) وما أشبهه ؛ وفى هذا تعزية للنبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
قوله : (تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ) أى : أشبه بعضها بعضا فى الكفر والقسوة (٨) ، ومسألة المحال ، كقوله : (يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ)(٩).
قوله : (قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) يريد : أنّ من أيقن وطلب الحقّ ؛ فقد أتته الآيات ، والبيّنات ، نحو المسلمين ومن لم يعاند من علماء اليهود ، لأنّ القرآن برهان شاف.
١١٩ ـ قوله : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِ) قال ابن عباس : «الحقّ» : القرآن ،
__________________
(١) هذه الأقوال جاءت فى (تفسير الطبرى ٢ : ٥٥٠ ـ ٥٥٧) و (تفسير ابن كثير ١ : ٢٣٢ ـ ٢٣٣) و (الدر المنثور ١ : ١١٠ ـ ١١١) و (تفسير القرطبى ٢ : ٩١) والبحر المحيط ١ : ٣٦٩).
(٢) أ : «لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ».
(٣) الإثبات عن أ.
(٤) سورة الحجر : ٧.
(٥) كما قال ابن فارس. (فقه اللغة ١٣٥) و (البرهان للزركشى ٤ : ٤٧٩).
(٦) الآية ١٤٣.
(٧) سورة النساء : ١٥٣.
(٨) أ : «والقساوة».
(٩) سورة التوبة : ٣٠.