وكلّ من أنشأ ما لم يسبق (١) إليه قيل له : أبدعت (٢).
ولهذا قيل : لمن خالف السّنّة : مبتدع ؛ لأنّه أحدث فى الإسلام ما لم يسبقه إليه السلف.
(وَإِذا قَضى أَمْراً) أى : قدّره وأراد خلقه (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ) أى : لذلك الأمر الّذى يريد وجوده ؛ وما قدّر الله وجوده (٣) فهو كالموجود المشاهد ، فجاز أن يخاطب.
وقال ابن الأنبارى : يحتمل أن تكون اللام فى «له» : لام أجل ، والتأويل : فإذا قضى أمرا فإنّما يقول من أجل إرادته : (كُنْ فَيَكُونُ ،) كقوله تعالى : (سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ)(٤) أى : من أجله ، وكقوله : (لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)(٥) أى : من أجل حبّ المال لبخيل.
وقوله : (ك ن) المأمور بهذا الأمر لا قدرة له على دفع هذا الأمر ، ولا صنع له فيه ؛ والمعنى : كن بتكويننا إيّاك.
وقوله : (فَيَكُونُ) قال الفراء والكسائىّ والزّجاج : رفعه من وجهين : أحدهما ؛ العطف على «يقول» ، ومثله : (يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ)(٦) ؛ والثّانى : أن يكون رفعه على الاستئناف ، المعنى : فهو يكون ، لأنّ الكلام تمّ عند قوله : (ك ن ،) ثمّ قال : (فَيَكُونُ) ما أراد الله (٧). قال الفرّاء : وإنّه لأحبّ الوجهين إلىّ.
وقرأ ابن عامر : فيكون ـ بنصب النّون ـ على جواب الأمر بالفاء فى ظاهر اللّفظ (٨).
١١٨ ـ وقوله : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) قال ابن عباس : هم اليهود. وقال مجاهد :
__________________
(١) أ : «أنشأ شيئا لم يسبق».
(٢) أ : «قيل : أبدع».
(٣) حاشية ج : «قوله : (وما قدر الله ..) جواب سؤال مقدر تقديره : إنه كيف قال : فإنما يقول له «كن» ، والمعدوم لا يخاطب؟ أجيب بوجهين ؛ أحدهما : وهو ما مقدر. والثانى : قال ابن الانبارى : معناه : فإنما يقول له ، أى لأجل كونه ؛ فعلى هذا ذهب معنى الخطاب. والجواب الثالث : أنه وإن كان معدوما ـ ولكنه لما قدر وجوده ، وهو كائن لا محالة ، لامتناع الخلف ـ فكان كالموجود فيصح الخطاب».
(٤) سورة آل عمران : ١٩٣.
(٥) سورة العاديات : ٨.
(٦) سورة إبراهيم : ٤٤.
(٧) ب : «ما أراده الله».
(٨) كما فى (إتحاف البشر ١٤٦) و (الفخر الرازى ١ : ٤٨٤).