الملائكة بنات الله ؛ فنزّه الله نفسه عن اتّخاذ الولد ، فقال : (سُبْحانَهُ)(١). وفى مصاحف أهل الشّام : «قالوا» بغير واو (٢) ؛ لأنّ هذه الآية مستأنفة غير معطوفة على ما تقدّم.
وقوله : (بَلْ لَهُ) أى : ليس الأمر كما زعموا ؛ له (ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) عبيدا وملكا (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) قال مجاهد وعطاء والسّدّىّ : مطيعون (٣).
و «القنوت» : الطّاعة ، و «القانت» : المطيع لله عزوجل ؛ ومنه قوله تعالى : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ)(٤). قال ابن عباس : هذا (٥) راجع إلى أهل طاعته دون النّاس أجمعين ؛ وهو من العموم الذى أريد به الخصوص ، وهذا قول مقاتل ، واختيار الفرّاء.
وقال السّدىّ : هذا فى يوم القيامة (٦) تصديقه قوله : (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ)(٧).
وقال أهل المعانى : طاعة الجميع لله تعالى تكوّنهم فى الخلق عند التكوين ؛ إذ قال :
«كن» فكان كما أراده (٨).
١١٧ ـ قوله : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) «البديع» : الذى يبدع الأشياء ؛ أى يحدثها ممّا لم يكن ، و «بديع» بمعنى : «مبدع» (٩).
قال أبو إسحاق الزّجاج : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ :) منشؤها على غير مثال سابق.
__________________
(١) راجع (أسباب النزول للواحدى ٣٦) و (الوجيز للواحدى ١ : ٣١) و (البحر المحيط ١ : ٣٦٢) و (تفسير القرطبى ٢ : ٨٥) و (شرح صحيح البخارى للقسطلانى ، كتاب تفسير القرآن ، باب (وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) ٧ : ١٣) و (الفخر الرازى ١ : ٤٨٢).
(٢) كما قرأ ابن عامر ، وقرأ الباقون بالواو ، عطف جملة على مثلها. (إتحاف فضلاء البشر ١٤٦) وبنحوه فى (البحر المحيط ١ : ٣٦٢).
(٣) كما فى (تفسير الطبرى ٢ : ٥٣٨) و (الدر المنثور ١ : ١١٠) و (تفسير ابن كثير ١ : ٢٣١) و (تفسير القرطبى ٢ : ٨٦) و (البحر المحيط ١ : ٣٦٣) و (الوجيز للواحدى ١ : ٣١) و (الفخر الرازى ١ : ٤٨٣) وهو فى (غريب القرآن للسجستانى : ٥٠) و (اللسان ـ مادة : قنت).
(٤) سورة الزمر : ٩.
(٥) حاشية ج : «إشارة إلى قوله : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ).
(٦) كما نقله عنه صاحب (تفسير القرطبى ٢ : ٨٦) و (تفسير ابن كثير ١ : ٢٣١) و (تفسير الفخر الرازى ١ : ٤٨٣).
(٧) سورة طه : ١١١.
(٨) أ : «كما أراد». حاشية ج : «إنما يقول له كن فيكون ، أى : إنما يكونه فيكون».
(٩) حاشية ج : «الإبداع : خلق الأشياء من غير سبق مادة» وبنحوه فى (اللسان ـ مادة : بدع).