١١٤ ـ قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ) أى : وأىّ أحد أظلم (مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) يعنى : مشركى مكّة منعوا المسلمين من ذكر الله فى المسجد الحرام (١) ، (وَسَعى :) عمل (فِي خَرابِها) لأنّ عمارتها بالعبادة فيها ؛ وكلّ من منع من عبادة الله فى المسجد (٢) فقد سعى فى خرابه (أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ.)
قال ابن عباس فى رواية عطاء : هذا وعد من الله تعالى لنبيّه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والمهاجرين. يقول : أفتح لكم مكّة حتّى تدخلوها آمنين ، وتكونوا / أولى بها منهم (٣).
(لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) يعنى : القتل (٤) لمن أقام على الكفر (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ.)
١١٥ ـ قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ...) الآية.
قال ابن عباس فى رواية علىّ بن أبى طلحة الوالبىّ : إنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لمّا هاجر إلى المدينة ، أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ، ففرحت اليهود ؛ وكان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يحبّ قبلة إبراهيم ـ عليهالسلام ـ ؛ فلمّا صرفه الله إليها عيّرت اليهود المؤمنين ؛ فأنزل الله : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ)(٥).
والمعنى : فأينما تولّوا وجوهكم ، فحذف المفعول للعلم به.
ومعنى قوله : (فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ :) فهناك قبلة الله. «والوجه ، والجهة ، والوجهة» : القبلة (٦). ومثله : «الوزن والزّنة ، والوعد والعدة» ؛ والعرب (٧) تسمى القصد الذى يتوجّه إليه : وجها ، قال الشاعر :
أستغفر الله ذنبا لست محصيه |
|
ربّ العباد إليه الوجه والعمل (٨) |
__________________
(١) روى هذا المعنى عن ابن عباس ؛ على ما فى (تفسير ابن كثير ١ : ٢٢٤) و (أسباب النزول للواحدى ٣٤) و (الدر المنثور ١ : ١٠٨) و (البحر المحيط ١ : ٣٥٧) و (تفسير الفخر الرازى ١ : ٤٧٢).
(٢) أ ، ب : «فى مسجد».
(٣) أى : من اليهود والنصارى.
(٤) حاشية ج : «يعنى : القتل للحربى والجزية للذمى».
(٥) كما فى (أسباب النزول للواحدى ٣٦) و (تفسير الطبرى ٢ : ٥٢٧) و (تفسير ابن كثير ١ : ٢٢٧) و (الدر المنثور ١ : ١٠٩).
(٦) (اللسان ـ مادة : وجه).
(٧) حاشية ج : «قوله : والعرب. هذا إشارة إلى أن الوجه هو القبلة».
(٨) هذا البيت أنشده سيبويه فى (اللسان ـ مادة : غفر) برواية : «... إليه القول والعمل.» وهو فى (تفسير القرطبى ٢ : ٨٤) و (البحر المحيط ١ : ٣٦١).