وقوله تعالى : (حَسَداً) أى : يحسدونكم حسدا (مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) أى : فى حكمهم (١) وتديّنهم ومذهبهم. أى هذا الحسد مذهب لهم لم يؤمروا به (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ) فى التّوراة أنّ قول محمد صدق ، ودينه حقّ.
قوله : (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا) أى : عن مساوئ كلامهم ، وغلّ قلوبهم (٢)(حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ.)
قال عطاء : يريد إجلاء النّضير ، وقتل قريظة ، وفتح خيبر ، وفدك (٣).
وقال قتادة : يعنى أمره بالقتال (٤) فى قوله تعالى : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ ...)(٥) الآية. ([إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ].)
١١١ ـ قوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) أى : وقالت اليهود : لن يدخل الجنّة إلّا من كان يهوديّا (٦) ؛ وقالت النّصارى : لن يدخلها إلّا من كان نصرانيّا.
والهود : هم اليهود. «هادوا يهودون هودا» ، أى : تابوا من عبادة العجل. والهود : جمع هائد ، مثل «حائل وحول ، وفاره وفره (٧)».
قال الله تعالى : (تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ) الّتى تمنّوها على الله باطلا (٨)(قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ) :
__________________
(١) ب : «فى جمعهم». فى (معانى القرآن للفراء ١ : ٧٣) «من قبل أنفسهم ...» وروى هذا المعنى عن الربيع بن أنس ، كما فى (تفسير الطبرى ٢ : ٥٠١) و (تفسير ابن كثير ١ : ٢٢٠) و (الدر المنثور ١ : ١٠٧).
(٢) أ : «وغل قلبهم».
(٣) حاشية ج ، و (اللسان ـ مادة : فدك) «فدك ـ بالتحريك ـ : قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان». فى (تفسير القرطبى ٢ : ٧٣) «يعنى : قتل قريظة وجلاء النضير» ، وكذا فى (البحر المحيط ١ : ٣٤٩).
(٤) ب : «أمر الله بالقتال».
(٥) سورة التوبة : ٢٩. وروى هذا ـ أيضا ـ عن ابن عباس والربيع بن أنس والسدى ؛ كما فى (تفسير الطبرى ٢ : ٥٠٣ ـ ٥٠٤) و (تفسير ابن كثير ١ : ٢٢١) و (الدر المنثور ١ : ١٠٧) و (البحر المحيط ١ : ٣٤٩) و (تفسير الفخر الرازى ١ : ٤٦٨).
(٦) ب : «لن يدخلها إلا من كان هودا». فى (معانى القرآن للفراء ١ : ٧٣) بزيادة : «وهى فى قراءة أبى وعبد الله «إلا من كان يهوديا أو نصرانيا» وكذا فى (اللسان ـ مادة : هود).
(٧) والناقة الحائل : التى حمل عليها الفحل فلم تلقح. ـ و «الفاره» : الحاذق بالشىء : (اللسان ـ مادة : هود ، حول ، فره).
(٨) كما فى (الوجيز للواحدى ١ : ٣٠). حاشية ج «جمع : أمنية ـ وهى أفعولة ـ من التمنى ؛ أى شهواتهم الباطلة التى تمنوها على الله بغير حق».