(وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ.)
«الولىّ» ـ فعيل بمعنى فاعل. يقال : «هو والى الأمر ووليّه» ، أى : القائم به. والمعنى : ما لكم من دون الله وال (١) يلى أمركم (وَلا نَصِيرٍ :) ناصر يمنعكم من العذاب ، وفى هذا تحذير للعباد ؛ إذ لا مانع منه (٢).
١٠٨ ـ قوله تعالى : (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ ...) «الآية (٣)».
قال المفسّرون : إنّ اليهود وغيرهم من المشركين تمنّوا على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فمن قائل يقول : ايتنا بكتاب من السماء جملة كما أتى موسى بالتوراة ؛ ومن قائل يقول : ـ وهو عبد الله بن أبى أميّة المخزومىّ ـ : ايتنى بكتاب من السّماء فيه : «من الله ربّ العالمين إلى ابن أبى أميّة ؛ اعلم أنّى قد أرسلت محمدا إلى النّاس».
ومن قائل يقول : «لن نؤمن لك ... أو تأتى بالله والملائكة قبيلا». فأنزل الله عزوجل :
(أَمْ تُرِيدُونَ)(٤) معناه : بل أتريدون (٥). فهو استفهام منقطع عمّا قبله (أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ :) محمدا ـ عليهالسلام ـ من الاقتراح والتّمنى ، (كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) يعنى قولهم : أرنا الله جهرة.
قال الزجاج : معنى الآية : إنّهم نهوا أن يسألوا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ما لا خير لهم فى السّؤال عنه ، والسّؤال بعد قيام البراهين كفر ؛ لذلك قال : (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) أى : قصده ووسطه.
ومعنى «الضّلال» : الذّهاب عن الاستقامة.
١٠٩ ، ١١٠ ـ قوله تعالى : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً.)
قال ابن عباس : نزلت فى نفر من اليهود قالوا للمسلمين ـ بعد وقعة أحد ـ : ألم تروا إلى ما أصابكم : ولو كنتم على الحقّ ماهزمتم ، فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم (٦)؟.
__________________
(١) أ : «ما لكم دون الله» ، ب : «... من وال».
(٢) حاشية ج : «إذ لا مانع للخلق يمنعه من عذاب الله».
(٣) الإثبات عن أ ، ب و (أسباب النزول للواحدى ٣٢).
(٤) على ما فى (أسباب النزول للواحدى ٣٢) و (تفسير البحر المحيط ١ : ٣٤٦) و (تفسير الفخر الرازى ١ : ٤٦١).
(٥) ب : «بل تريدون» تحريف. وانظر (تفسير الفخر الرازى ١ : ٤٦١).
(٦) كما فى (أسباب النزول للواحدى ٣٢) و (تفسير البحر المحيط ١ : ٣٤٨) و (الفخر الرازى ١ : ٤٦٢).