وقوله تعالى : (بِكُفْرِهِمْ) أى : باعتقادهم التّشبيه ، لأنّهم طلبوا ما يتصوّر فى نفوسهم.
(قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) معناه : إن كنتم مؤمنين فبئس الإيمان إيمان يأمركم بالكفر (١).
وهذا تكذيب لهم ، لأنّهم كانوا يزعمون أنّهم مؤمنون ، وذلك أنّهم قالوا : (نؤمن بما أنزل علينا) ، فكذّبهم الله تعالى ، وعيّرهم بعبادة العجل ، وذلك أنّ آباءهم ادّعوا الإيمان ثم عبدوا العجل.
٩٤ ـ وقوله تعالى : (قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ ...) الآية.
كانت اليهود تقول : (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً)(٢) ، فقيل لهم : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ،) عند أنفسكم (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ ،) فإنّ من كان لا يشكّ فى أنّه صائر إلى الجنّة ، فالجنّة آثر عنده من الدّنيا (٣).
٩٥ ـ ثم أخبر أنّهم لا يتمنّون الموت ، فقال : (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً ؛) وذلك أنّهم عرفوا أنّهم كفرة ، ولا نصيب لهم فى الجنّة ، لأنّهم تعمّدوا كتمان أمر النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وتكذيبه.
وقوله تعالى : (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) أى : بما قدّموه وعملوه ، فأضاف ذلك إلى اليد ، لأنّ أكثر جنايات الإنسان تكون بيده ، فيضاف إلى اليد كلّ جناية ، وإن لم يكن لليد فيها عمل (٤).
__________________
(١) أ : «إيمان يأمر بالكفر».
(٢) سورة البقرة : ١١١.
(٣) أ ، ب : «فالجنة عنده آثر من الدنيا». انظر (الوجيز للواحدى ١ : ٢٥).
(٤) وقيل : المراد اليد حقيقة هنا ، والذى قدمته أيديهم : هو تغيير صفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ وكان ذلك بكتابة أيديهم. (تفسير البحر المحيط ١ : ٣١٢).