وقوله تعالى : (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) فيه معنى التّهديد ، أى عليم بمجازاتهم.
وفى هذه الآية أبين دلالة على صدق نبيّنا محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، لأنّه أخبر عن الله : أنّهم لا يتمنّون الموت ، ثم لم يرو ـ مع حرصهم على تكذيبه ـ أنّ أحدا أتاه ، وقال : يا محمد أنا أشتهى الموت ، وأتمنّاه ، لأنّهم علموا أنّهم لو تمنّوا الموت لم يبق منهم صغير ولا كبير إلّا مات ، فكان إحجابهم عن ذكر الموت دليلا على عنادهم الحقّ ، وتكذيب من يعرفون صدقه.
٩٦ ـ قوله تعالى : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ) دخلت اللام والنّون ، لأنّ القسم مضمر تقديره : والله لتجدنّهم. يعنى : علماء اليهود الذين (١) كتموا أمر محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ ؛) لأنّهم علموا أنّهم صائرون / إلى النار إذا ماتوا.
ومعنى «الحرص» : شدّة الطّلب. (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) أى : وأحرص من الذين أشركوا (٢).
ومعنى «الإشراك» : عبادة غير الله مع الله ؛ وهو أن يجعل عبادته مشتركة بين الله وغيره.
قال أبو العالية والربيع : أراد ب (الَّذِينَ أَشْرَكُوا) : المجوس (٣) ؛ وإنّما وصفوا بالإشراك ، لأنّهم يقولون : ب «النّور والظّلمة ، ويزدان ، وأهرمن» ؛ وهم موصوفون بالحرص على الحياة ، ولهذا جعلوا التّحيّة بينهم : «زه هزار سال» (٤) ؛ أى عش ألف سنة.
__________________
(١) ب : «والذين كتموا».
(٢) على ما فى (معانى القرآن للفراء ١ : ٦٢) و (تفسير الطبرى ٢ : ٣٧٠) بزيادة قوله : «على الحياة».
(٣) كما فى (تفسير الطبرى ٢ : ٣٧١) و (تفسير ابن كثير ١ : ١٨٤) و (تفسير القرطبى ٢ : ٣٤) و (البحر المحيط ١ : ٣١٣).
(٤) «زه» معناها فى العربية : عش ، و «هزار» معناها : ألف ، و «سال» معناها : سنة» (حاشية معانى القرآن للفراء ١ : ٦٣).