وقوله تعالى : (أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) أى : «إنزال» (١) الله ، والمعنى : حسدا إنزال الله الكتاب (٢)(عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) يعنى محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ.)
قال قتادة : الأوّل : بكفرهم بعيسى والإنجيل ؛ والثّانى : بكفرهم بمحمّد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والقرآن (٣).
وقال السّدّى : أمّا الغضب الأوّل ؛ فحين غضب الله عليهم فى عبادة العجل ؛ والثّانى : حين كفروا بمحمّد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (٤).
وقال مجاهد : الأوّل : بتبديلهم التّوراة قبل خروج محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ؛ والثانى : بجحودهم النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ، وكفرهم بما جاء به (٥).
(وَلِلْكافِرِينَ) يعنى : الجاحدين نبوّة محمّد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (عَذابٌ مُهِينٌ :) يهانون فيه فلا يعزّون.
٩١ ـ وقوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) أى : لليهود (آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ) يعنى : القرآن (٦)(قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا) يعنون التّوراة (وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ.)
قال ابن الأنبارىّ : / تمّ الكلام عند قوله : (بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا) ثم ابتدأ الله تعالى بالإخبار عنهم فقال : (وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ) أى : بما سواه.
وقال الفرّاء : وذلك كثير فى العربيّة يتكلّم الرّجل بالكلام الحسن فيقول السّامع : ليس وراء هذا الكلام شىء ، يريد : ليس سوى هذا الكلام شىء (٧) ؛ ويحتمل : (بما
__________________
(١) ج : «أَنْزَلَ» والإثبات عن أ ، ب و (الوجيز للواحدى ١ : ٢٤).
(٢) حاشية ج : «أشار بهذا التفسير إلى أن قوله تعالى : «أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ» مفعول «بَغْياً». وانظر توجيه هذا فى (معانى القرآن للفراء ١ : ٥٨).
(٣) كما فى (تفسير الطبرى ٢ : ٣٤٦) و (الدر المنثور ١ : ٨٨) و (تفسير القرطبى ٢ : ٢٨ ـ ٢٩) و (البحر المحيط ١ : ٣٠٦) وكذا الحسن والشعبى وعكرمة وأبو العالية انظر (تفسير الفخر الرازى ١ : ٤٣).
(٤) وروى أيضا ـ عن ابن عباس ؛ كما فى (تفسير الطبرى ٢ : ٣٤٦) و (تفسير ابن كثير ١ : ١٧٩) و (الفخر الرازى ١ : ٤٣٠) و (تفسير القرطبى ٢ : ٢٨) و (البحر المحيط ١ : ٣٠٦).
(٥) كما جاء فى (تفسير الطبرى ٢ : ٣٤٦) و (الدر المنثور ١ : ٨٩).
(٦) وكل كتاب نزل. (البحر المحيط ١ : ٣٠٧).
(٧) عبارة الفراء : «أى : ليس عنده شىء سواء» (معانى القرآن للفراء ١ : ٦٠) و (تفسير الطبرى ٢ : ٣٤٨) وانظر (تفسير البحر المحيط ١ : ٣٠٧) و (تفسير القرطبى ٢ : ٢٩) و (اللسان ـ مادة : ورأ).