(فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) قال قتادة : معناه لا يؤمن منهم إلا قليل ، لأنّ من آمن من المشركين أكثر ممن آمن من اليهود (١).
و «ما» صلة ، وانتصب «قليلا» على الحال ، على تقدير : فيؤمنون قليلا ، كعبد الله ابن سلام ، وأصحابه.
والآية ردّ على القدريّة ، لأنّ الله تعالى بيّن أنّ كفرهم بسبب لعنه إيّاهم ، وأنّه لمّا أراد كفرهم وشقاوتهم منعهم (٢) الإيمان.
٨٩ ـ قوله تعالى : (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) يعنى : القرآن (مُصَدِّقٌ :) موافق (لِما مَعَهُمْ) لأنّه جاء على ما تقدّم «من» (٣) الأخبار فى التّوراة ؛ فهو مصداق الخبر المتقدّم ، (وَكانُوا) يعنى : اليهود (مِنْ قَبْلُ) أى : من قبل هذا الكتاب (يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا :) يستنصرون الله عليهم بالقرآن ، والنبىّ المبعوث فى آخر الزّمان.
قال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : كانت يهود خيبر تقاتل غطفان ، فكلّما التقوا هزمت يهود خيبر ، «فعاذت» (٤) اليهود بهذا الدّعاء ، وقالت : اللهم إنّا نسألك بحقّ النبىّ الأمىّ الذى وعدتنا : أن تخرجه لنا فى آخر الزّمان ، إلّا نصرتنا عليهم (٥) ؛ فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدّعاء ، فهزموا غطفان ، فلما بعث النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كفروا به ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٦) ؛ وهو قوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا [كَفَرُوا بِهِ]) يعنى : الكتاب وذلك أنّهم كانوا قد قرءوا فى التّوراة : أنّ الله يبعث فى آخر الزّمان نبيّا ، وينزل عليه قرآنا مبينا. ([فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ]).
__________________
(١) كما جاء فى (تفسير الطبرى ٢ : ٣٢٩) و (تفسير ابن كثير ١ : ١٧٧) و (الدر المنثور ١ : ٨٧) و (البحر المحيط ١ : ٣٠٢) و (الفخر الرازى ١ : ٤٢٧)
(٢) أ : «منعهم الله الإيمان».
(٣) ج : «به» والإثبات عن أ ، ب.
(٤) ج : «فعادت» بالدال. تحريف. والإثبات عن أ ، ب و (أسباب النزول للواحدى ١ : ٢٦).
(٥) أ ، ب : «إلا أن تنصرنا عليهم».
(٦) كما فى (أسباب النزول للواحدى ٢٥ ـ ٢٦) و (الدر المنثور ١ : ٨٨) و (المستدرك ٢ : ٢٦٣) و (تفسير القرطبى ٢ : ٢٧).