السّلام ؛ نظيره. قوله تعالى : (فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ)(١) ؛ و «الفريق» : الطّائفة من النّاس.
ولما قال لهم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ هذا عرفوا أنّه الوحى. يوبّخهم الله تعالى بما صنعوا.
٨٨ ـ (وَقالُوا :) يا محمد (قُلُوبُنا غُلْفٌ) وهو جمع : «أغلف» (٢) ؛ وكلّ شىء فى غلاف فهو أغلف.
يقال : «سيف أغلف» و «قوس غلفاء» ، و «رجل أغلف». إذا لم يختن.
قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : إنّهم قالوا استهزاء وإنكارا لما أتى به محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : قلوبنا عليها غشاوة ، فهى فى أوعية ، فلا تعى ولا تفقه ما تقول يا محمد (٣) ؛ فأكذبهم الله فيما قالوا ، وقال :
(بَلْ لَعَنَهُمُ اللهُ) أى : أبعدهم من رحمته وطردهم.
«واللّعن» فى اللّغة : الإبعاد. ثم يسمّى «التعذيب والسّبّ والشّتم» : لعنا.
يقول الله تعالى : ليس كما ذكروا من أنّ قلوبهم فى الغلاف فلا تفهم ، ولكنّ الله لعنهم وأخزاهم ، ولم يجعل لهم سبيلا إلى فهم ما يقول محمد (٤) ، وإن فهموا حرموا الانتفاع (٥) به ؛ فهذا معنى «لعن الله اليهود» فى هذا الموضع.
وقوله تعالى : (بِكُفْرِهِمْ) أى : بإقامتهم على كفرهم ، وتركهم الإيمان بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ جعل الله جزاءهم على ذلك أن لعنهم.
__________________
(١) سورة المائدة : ٧٠.
(٢) وهو الذى لا يعى شيئا. وفى صفته صلىاللهعليهوسلم : يفتح قلوبا غلفا ، أى مغشاة مغطاة ، واحدها : أغلف :
(اللسان ـ مادة : غلف) وانظر (تفسير الطبرى ٢ : ٣٢٤ ـ ٣٢٥) و (البحر المحيط ١ : ٣٠١).
(٣) كما فى (تفسير الطبرى ٢ : ٣٢٦) و (تفسير ابن كثير ١ : ١٧٦ ـ ١٧٧) و (الدر المنثور ١ : ٨٧) و (البحر المحيط ١ : ٣٠١) و (الفخر الرازى ١ : ٤٢٧) و (تفسير القرطبى ٢ : ٢٥).
(٤) ب : «ما تقول يا محمد».
(٥) أ : «أحرموا».