قالوا ذلك لتباعد الأمرين (١) فى الظّاهر ؛ ف (قالَ) موسى : (أَعُوذُ بِاللهِ) أى : أمتنع بالله (أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) أى : من المستهزئين بالمؤمنين (٢).
ولمّا علم القوم أنّ ذبح البقرة عزم (٣) من الله تعالى ، سألوه الوصف ـ ولو أنّهم عمدوا إلى أدنى بقرة فذبحوها ، لأجزأت عنهم ؛ ولكنّهم شدّدوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم ؛
٦٨ ـ و (قالُوا) لموسى (ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ)(٤)؟
يقال : بيّن الشّىء ، وأبانه ؛ إذا أزال الإشكال عنه. والمعنى :
يظهر لنا ما تلك البقرة التى نذبحها ، لأجل القتيل ، وأىّ شىء هى؟
(قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ)
قال الفرّاء : هى الهرمة (٥). وقال الكسائىّ «الفارض» : الكبيرة العظيمة ؛ قد فرضت تفرض فروضا (٦).
(وَلا بِكْرٌ) يقال : بقرة بكر ، أى فتيّة لم تحمل.
قال الزّجاج : أى ليست بكبيرة ولا صغيرة. قال : وارتفع (فارِضٌ) بإضمار «هى».
وقوله تعالى : (عَوانٌ) قال أبو الهيثم : «العوان» : النّصف التى بين الفارض والبكر.
وقال أبو زيد : بقرة عوان (٧) : بين المسنّة والشّابّة ؛ وقد عانت تعون عونا : إذا صارت عوانا. وقال ابن الأعرابىّ : «العوان من الحيوان» : السّنّ بين السّنّين (٨) ، لا صغير
__________________
(١) حاشية ج : «أى : السؤال عن القتل والأمر بالذبح».
(٢) كما فى (الوجيز للواحدى ١ : ١٨).
(٣) ب : «أمر من الله».
(٤) حاشية ج و (الوجيز للواحدى ١ : ١٨) «ادْعُ لَنا رَبَّكَ» أى : سله بدعائك إياه».
(٥) (اللسان ـ مادة : فرض) وهو قول قتادة.
(٦) أى : كبرت وطعنت فى السن. (اللسان ـ مادة : فرض) وبنحوه فى (تفسير الطبرى ٢ : ١٩٠) و (البحر المحيط ١ : ٢٤٨) و (مفردات الراغب : ٣٧٦) و (غريب القرآن للسجستانى ٢٤٠).
(٧) أ : «العوان» تحريف. (اللسان ـ مادة : عون).
(٨) ب : «الشىء بين الشيئين». انظر قول ابن الأعرابى هذا فى (اللسان ـ مادة : عون)