وقوله تعالى : (لِما بَيْنَ يَدَيْها) قال الزجاج : أى للأمم الّتى تراها (وَما خَلْفَها :) ما يكون بعدها. ف «ما» فى قوله : (لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها :) عبارة عن الأمم. وتكون بمعنى «من».
وهذا قول ابن عباس فى رواية عطاء ، قال يريد (نَكالاً) للخلق الذين كانوا معهم ، (وَما خَلْفَها) : ولجميع من يأتى إلى يوم القيامة.
وقال فى رواية الكلبىّ : يقول : جعلناها عقوبة (لِما بَيْنَ يَدَيْها) : لما مضى من ذنوبهم (١) ؛ (وَما خَلْفَها) يعنى لمن بعدهم من بنى إسرائيل أن يستنّوا بسنّتهم ، ويعملوا بعلمهم ؛ و «ما» الثّانية تكون بمعنى «من».
وروى محمد بن الحصين ، عن ابن عباس ، قال : يعنى «ما بين يديها» من القرى ، (وَما خَلْفَها) : من القرى يعتبرون بهم ، فلا يعملون عملهم (٢).
(وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) نهيا لأمّة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يتجاوزوا ما حدّ لهم.
٦٧ ـ قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً)
قال المفسّرون : كان فى بنى إسرائيل رجل كثير المال ، وله ابن عمّ مسكين (٣) لا وارث له غيره ، فلمّا طال عليه موته ، قتله ليرثه ، ولمّا قتله حمله من قرية إلى قرية أخرى ، ثم أصبح يطلب بثأره ودمه ، واشتبه أمر القتيل على موسى ، ووقع الخلاف فيه ، فسألوا موسى أن يدعو الله تعالى ليبيّن لهم ذلك ، فسأل موسى ربّه ، فأمره بذبح بقرة ، فقال لهم موسى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً) أى : أتستهزئ بنا حين نسألك عن القتيل ، وتأمرنا بذبح البقرة؟ وإنّما
__________________
(١) أ ، ب : «لما مضى من دونهم».
(٢) كما فى (تفسير الطبرى ٢ : ١٧١ ـ ١٧٢) و (تفسير ابن كثير ١ : ١٥٣) و (الدر المنثور ١ : ٧٦) و (تفسير القرطبى ١ : ٤٤٤) و (البحر المحيط ١ : ٣٤٦).
(٣) كما قال عطاء والسدى ، وقال ابن عباس وعبيدة السلمانى : إنه ابن أخيه. وقال محمد بن كعب القرظى ومحمد ابن قيس : إنه أخوه. انظر ما جاء فى هذا المعنى مفصلا فى (تفسير الطبرى ٢ : ١٨٣ ـ ١٨٩) و (تفسير ابن كثير ١ : ١٥٤ ـ ١٥٧) و (الدر المنثور ١ : ٧٦ ـ ٧٧) و (البحر المحيط ١ : ٢٤٩) و (تفسير الفخر الرازى ١ : ٨٦)؟؟؟.