وقوله تعالى : (مَنْ آمَنَ بِاللهِ [وَالْيَوْمِ الْآخِرِ])
أى : من جملة هؤلاء الأصناف المذكورة فى هذه الآية : من آمن إيمانا حقيقيّا ؛ وهو أن يؤمن بالله ورسوله محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
والدّليل على أنّه أراد به الإيمان بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قوله تعالى : (وَعَمِلَ صالِحاً ؛) وقد قام الدّليل على أنّ من لا يؤمن بالنّبىّ محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لا يكون عمله صالحا.
وقوله تعالى : (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ [عِنْدَ رَبِّهِمْ])
جمع الكناية بعد أن وحّد الفعل فى قوله : «آمن» ، لأنّ «من» يصلح للواحد والجميع ، والمذكّر والمؤنّث ؛ فالفعل يعود إلى لفظ «من» وهو واحد مذكّر ، والكناية تعود إلى معنى «من» (١). ومثله فى القرآن كثير ؛ قال الله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ)(٢) ؛ وقال فى موضع آخر : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ)(٣).
وقوله تعالى (٤) : ([وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ])
والمعنى : لا ينالهم خوف ، ولا يصيبهم (٥) حزن فى الآخرة ؛ لأنّهم يصيرون إلى النّعيم المقيم ، والأمن الدّائم.
٦٣ ـ قوله عزوجل : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ...) الآية.
«الطّور» : الجبل ـ بالسّريانيّة (٦) ـ ، وقد تكلّمت به العرب. قال العجّاج :
__________________
(١) ب : «إلى معناه». انظر توجيه ذلك فى (تفسير الطبرى ٢ : ١٤٨ ـ ١٥٠) و (تفسير القرطبى ١ : ٤٣٥) و (البحر المحيط ١ : ٢٤١).
(٢) سورة الأنعام : ٢٥ ؛ ومحمد : ١٦.
(٣) سورة يونس : ٤٢.
(٤) ما بين الحاصرتين إضافة يقتضيها السياق.
(٥) ب : «ولا يمسهم».
(٦) حاشية ج : «على قول مجاهد. وقيل : ما من لغة فى الدنيا إلا وهى فى القرآن. وقال الأكثرون : ليس فى القرآن لغة غير لغة عربية ؛ لقوله تعالى : (قُرْآناً عَرَبِيًّا). وإنما الطور وأشباهه .. وفاقا بين اللغتين». وانظر (تفسير القرطبي ١ : ٤٣٦) و (البحر المحيط ١ : ٢٣٩) و (تفسير الطبرى ٢ : ١٥٨).