* دانى جناحيه من الطّور فمرّ* (١)
قال المفسّرون : إنّ موسى لمّا أتى بنى إسرائيل بالتّوراة فرأوها وما فيها من التّغليظ كبر ذلك عليهم ، وأبوا أن يقبلوا ذلك ؛ فأمر الله ـ عزوجل ـ جبلا من جبال فلسطين ، فانقلع من أصله ، حتّى قام على رءوسهم مثل الظّلّة ؛ فأوحى الله تعالى إلى موسى ـ عليهالسلام ـ : أن قبلوا التّوراة ، وإلّا رضختهم بهذا الجبل ؛ فلمّا رأوا ذلك ، قبلوا ما فيها ، وسجدوا من الفزع ، وجعلوا يلاحظون الجبل ـ وهم سجود ـ ؛ فمن أجل ذلك يسجد اليهود (٢) على أنصاف وجوههم (٣) ؛ فهذا معنى «أخذ الميثاق فى حال رفع الجبل فوقهم» ؛ لأنّ «ما» (٤) ـ فى هذه الحال ـ قيل لهم : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ.)
وكان فيما أتاهم الله تعالى الإيمان بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
وفى هذه الآية إضمار ، لأنّ المعنى : وقلنا لكم (٥) خذوا ما آتيناكم «بقوّة» (٦) ؛ أى اعملوا بما أمرتم به (٧) ، وانتهوا عمّا نهيتم عنه.
وقوله : (بِقُوَّةٍ) قال ابن عباس والحسن وقتادة : بجدّ ومواظبة على طاعة الله واجتهاد (٨). (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ) الكناية تعود إلى «ما» فى قوله : (ما آتَيْناكُمْ ؛) وهو التوراة. والمعنى : احفظوا ما فى التّوراة من الحلال والحرام ، واعملوا بما فيه.
__________________
(١) (ديوان رؤبة بن العجاج : ١٧) و (تفسير الطبرى ٢ : ١٥٧) و (البحر المحيط ١ : ٢٣٩) و (الفخر الرازى ١ : ٣٨٢) وعجز البيت :
تقضى البازى إذا البازى كسر
(٢) ب : «سجد اليهود».
(٣) كما جاء فى (تفسير الطبرى ٢ : ١٥٦ ـ ١٥٨) و (تفسير ابن كثير ١ : ١٤٩) و (تفسير القرطبى ١ : ٤٣٦ ـ ٤٣٧) و (البحر المحيط ١ : ٢٤٣) و (الفخر الرازى ١ : ٣٨٣).
(٤) الزيادة عن أ ، ب.
(٥) أ ، ب : «وقلنا لهم». انظر (تفسير الطبرى ٢ : ١٦٠) و (البحر المحيط ١ : ٢٤٣).
(٦) الزيادة عن أ ، ب.
(٧) أ : «بما أمرتم فيه» تحريف.
(٨) انظر (تفسير الطبرى ٢ : ١٦٠ ـ ١٦١) و (تفسير ابن كثير ١ : ١٥٠) و (الدر المنثور ١ : ٧٥) و (تفسير القرطبى ١ : ١٣٧) و (البحر المحيط ١ : ٢٤٣).