قال أبو عبيدة : أجمعت العرب على حذف الهمزة من أربعة أحرف : من «النّبىّ» ، و «الذّريّة» ، و «الخابية» ، و «البريّة» (١). وأصلها الهمزة.
قال الزّجاج وعدّة معه : اشتقاق «النّبىّ» من نبّأ وأنبأ ، أى : أخبر ؛ وترك همزه لكثرة الاستعمال. وهذا مذهب سيبويه ؛ واستردأ (٢) سيبويه همز «النّبىّ» و «البريّة» ، لأنّ الغالب فى استعمالهما تخفيف الهمزة.
وحجّة من همز «النّبىّ» أن يقول : هو أصل الكلمة ، ولا ينكر أن يؤتى بالكلمة على أصلها.
قوله تعالى : (ذلِكَ بِما عَصَوْا)
أى : ذلك الكفر والقتل بشؤم ركوبهم المعاصى (وَكانُوا يَعْتَدُونَ) أى : يتجاوزون أمرى ، ويرتكبون محارمى. و «الاعتداء» : تجاوز الحدّ (٣).
٦٢ ـ قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) أى : بالأنبياء الماضين ، ولم يؤمنوا بك.
وقيل : أراد المنافقين الّذين آمنوا بألسنتهم ، ولم يؤمنوا بقلوبهم (٤) ؛ (وَالَّذِينَ هادُوا) أى : دخلوا فى دين اليهوديّة ، كقوله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا)(٥)
واختلفوا ـ لم سمّوا اليهود؟ (٦) فقال بعضهم : هو من الهود ؛ وهو التّوبة (٧) ،
__________________
(١) وهو قول سيبويه بزيادة : «إلا أهل مكة فإنهم يهمزون هذه الأحرف ولا يهزون غيرها ، ويخالفون العرب فى ذلك. (اللسان ـ مادة : نبأ) وقال الهروى : والعرب تترك الهمزة فى خمسة أحرف ـ وعد منها ـ : «الروية». وأصلها روأت» (الغريبين للهروى ١ : ١٤٩).
(٢) ب : «واستردى» تحريف. أى : عده رديئا. يعنى لقلة استعمالها ، لا لأن القياس يمنع من ذلك ..» (اللسان ـ مادة : نبأ).
(٣) ب : «مجاوزة الحد». فى (تفسير الطبرى ٢ : ١٤٢) بزيادة : «الذى حده الله لعباده إلى غيره».
(٤) المعنى الأول جاء فى (الوجيز للواحدى ١ : ١٧) والثانى روى عن سفيان الثورى كما فى (تفسير القرطبى ١ : ٤٣٢) و (البحر المحيط ١ : ٢٤١) و (الفخر الرازى ١ : ٣٨١).
(٥) سورة الأنعام : ١٤٦.
(٦) ب : «لم يسموا يهودا» تحريف.
(٧) ب : «هو من التهود ، وهو التوب».