الفقر ، فترى المثرى منهم يتباءس (١) مخافة أن يضاعف عليه الجزية ، ولا يوجد يهودىّ غنىّ النّفس (٢).
وقوله تعالى : (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ)
أى : رجعوا فى قول الفرّاء. وقال الكسائىّ : انصرفوا به ، ولا يكون (باؤُ) إلّا بشيء (٣) : إمّا بخير ، وإمّا بشرّ. يقال : «باء يبوء بوأ وبواء». ولا يكون «باء» بمعنى مطلق الانصراف (٤).
وقال أبو عبيدة والزّجاج : (وَباؤُ بِغَضَبٍ) «أى (٥)» : احتملوه. يقال : قد بؤت بهذا الذّنب ، أى : احتملته / ؛ ومنه قوله : (أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ)(٦).
ومعنى «غضب الله» : ذمّه إيّاهم وإنزال العقوبة بهم ، (ذلِكَ) إشارة إلى ضرب الذّلّة والمسكنة والغضب (بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ.)
قال ابن عباس : يريد الحكمة التى أنزلت على محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
وقوله تعالى : (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ) يعنى : من قتلهم اليهود من الأنبياء (٧) ، مثل زكريّا ويحيى وشعيا.
وقوله : (بِغَيْرِ الْحَقِ) أى : قتلا بغير حقّ. يعنى : بالظّلم. وأكثر العرب على ترك همزة النّبىّ وبابه (٨).
__________________
(١) حاشية ج : «أى الغنى من اليهود يظهر الفقر».
(٢) حاشية ج : «واليهود فى غالب الأمر أذلاء مساكين إما على الحقيقة ، أو على التكلف ، مخافة أن تضاعف جزيتهم».
(٣) فى (تفسير الطبرى ٢ : ١٣٢) «إلا موصولا بشيء».
(٤) حاشية ج : «يعنى : أن «باء» لا يكون بمعنى مطلق الرجوع والانصراف ، بل بمعنى الرجوع بشيء».
(٥) الإثبات عن ب.
(٦) سورة المائدة : ٢٩.
(٧) ب : «يعنى قتلهم اليهود الأنبياء» وهى غير مستقيمة.
(٨) (اللسان ـ مادة : نبا) و (تفسير الطبرى ٢ : ١٤٠ ـ ١٤٢) و (تفسير القرطبى ١ : ٤٣١) و (البحر المحيط ١ : ٢٢٠).