وأما (اللهِ) فإن كثيرا من العلماء ذهبوا إلى أن هذا الاسم ليس بمشتق ، وأنه اسم تفرّد به البارى سبحانه وتعالى ، يجرى فى وصفه مجرى الأسماء الأعلام ، لا يشركه فيه أحد ؛ قال الله تعالى : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) أى : هل تعلم أحدا يسمّى الله غيره.
وهذا القول يحكى عن الخليل بن أحمد بن كيسان ، وهو اختيار أبى بكر القفال الشاشى.
والأكثرون ذهبوا إلى أنه مشتق من قولهم : أله إلاهة ، أى : عبد عبادة وكان ابن عباس يقرأ ويذرك وإلاهتك قال : معناه : عبادتك ، ويقال : تألّه الرجل ؛ إذا نسك ، قال رؤبة :
[لله درّ الغانيات المدّة] |
|
سبّحن واسترجعن من تألّهى |
ومعناه : المستحقّ للعبادة وذو العبادة الذى إليه توجّه العبادة وبها يقصد.
وقال أبو الهيثم الرازى : (اللهِ) أصله «إلاه» ، قال الله تعالى : (وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ ،) ولا يكون إلها [حتى يكون معبودا] ، وحتى يكون لعابده خالقا ورازقا ومدبّرا وعليه مقتدرا ، فمن لم يكن كذلك فليس بإله ، وإن عبد عبد ظلما ، بل هو مخلوق ومتعبّد ؛ قال : وأصل «إله» ولاه ، فقلبت الواو همزة ، كما قالوا : للوشاح : إشاح ، وللوجاح : إجاح.
ومعنى «ولاه» : أن الخلق يولهون إليه فى حوائجهم ، ويضرعون إليه فيما ينوبهم ، ويفزعون إليه فى كل ما يصيبهم ، كما يوله كل طفل إلى أمّه.
قوله تعالى : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.)
قال الليث : هما اسمان اشتقاقهما من الرحمة. وقال أبو عبيدة : هما صفتان لله تعالى معناهما : ذو الرحمة ؛ ورحمة الله : إرادته الخير والنعمة والإحسان إلى من يرحمه.
و (الرَّحْمنِ) عند قوم ـ أشدّ مبالغة من (الرَّحِيمِ ،) كالعلّام من العليم ، ولهذا قيل :