من خلل الوجازة والاختصار ، وآتى به على النمط الأوسط ، والقصد الأقوم ، حسنة بين السيئتين ، ومنزلة بين المنزلتين ، لا إقلال ولا إملال.
نعم المعين ـ توفيق الله تعالى ـ لإتمام ما نويت ، وتيسيره لإحكام ما له تصديت».
ثم ذكر بعد ذلك ما روى من فضائل سورة الفاتحة ، وفى بيان نزولها ، وأتبعه القول بما روى فى آية التسمية ، وأنها آية من الفاتحة ، وكذلك هى فى غيرها من السور آية. ثم قال : «وأما التفسير : فإن المتعلّق به «الباء» فى قوله : (بِسْمِ اللهِ) محذوف ، ويستغنى عن إظهاره لدلالة الحال عليه ، وهو معنى الابتداء ، كأنه قال : بدأت بسم الله ، أو أبدأ باسم الله ، والحال تبين أنك مبتدئ ، فاستغنيت عن ذكره. وهى أداة تجرّ ما بعدها من الأسماء ، نحو «من» و «عن» و «فى» ، وحذفت الألف من (بِسْمِ اللهِ) فى الكتابة ، لأنها وقعت فى موضع معروف لا يجهل القارئ معناه ، فاستحف طرحها ، وأثبتت الألف فى قوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) ؛ لأن هذا لا يكثر كثرة (بِسْمِ اللهِ.)
ألا ترى أنك تقول : (بِسْمِ اللهِ) عند ابتداء كلّ شيء ، ولا تحذف الألف إذا أضيف الاسم إلى غير الله ، ولا مع غير الباء من الحروف ، فتقول : لاسم الله حلاوة فى القلوب ، وليس اسم كاسم الله ؛ فتثبت الألف مع اللام والكاف ؛ هذا فى سقوطها فى الكتابة ؛ وأما سقوطها فى اللفظ ؛ فلأنها للوصل ، وقد استغنى عنها بالباء.
وعند البصريين : أن «الاسم» مشتق من السّموّ ؛ لأنه يعلو المسمّى فالاسم ما علا وظهر ، فصار علما للدلالة على ما تحته من المعنى.
وعند الكوفيين : «الاسم» : مشتقّ من الوسم ، والسّمة : وهى العلامة ، ومن هذا قال أبو العباس ثعلب : «الاسم» : سمة يوضع على الشيء يعرف به.
والصحيح ما قاله أهل البصرة ؛ لأنه لو كان مشتقّا من الوسم لقيل فى تصغيره «وسيم» ، كما قالوا «وعيدة ، ووصيلة» ، فى تصغير : عدة وصلة ؛ فلمّا قالوا : «سمىّ» ظهر أنه من السّموّ لا من السّمة.