أقوام ذلك اليوم مؤجّل لهم ، وآخرون : ذلك لهم معجّل وهو بحسب ما هم فيه من الوقت ؛ فانّ حقيقة الخوف ترقّب العقوبات مع مجارى الأنفاس.
قوله جل ذكره : (وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٨))
من رفع الحساب من الوسط يرفع معه الحساب (١) ، ومن هو فى أسر مطالباته فالوزن يومئذ الحقّ.
والرزق بغير حساب فى أرزاق الأرواح ، فأمّا أرزاق الأشباح فمحصورة معدودة ؛ لأن أرزاق الأشباح حظوظ ؛ وهى وجود أفضال وفنون نوال. وما حصره الوجود من الحوادث فلا بدّ أن يأتى عليه العدد ، وأما مكاشفة الأرواح بشهود الجمال والجلال فذلك على الدوام.
قوله جل ذكره : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (٣٩))
وقال تعالى : (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (٢) ، وقال : (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ) (٣). ومن أمّل السراب شرابا فلا يلبث إلا قليلا حتى يعلم أنّه كان تخييلا ؛ فالعطش يزداد ، والروح تدعو للخروج.
قوله جل ذكره : (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ
__________________
(١) ربما يقصد القشيري من هذه العبارة أولئك الذين يعبدون الله لذاته دون حساب فى العلاقة لثواب أو عقاب ، ويتأيد ذلك بقوله فى العبارة التالية (ومن هو فى أسر مطالباته ..) أي من ابتغى العوض ؛ لأنه يكون على حد تعبير رابعة كالأجير السوء.
(٢) آية ١٠٤ سورة الكهف.
(٣) آية ١٨ سورة المجادلة.