قوله جل ذكره : (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ (١٧))
أخبر أنه يأخذ عليهم جوانبهم ، ويتسلط عليهم من جميع جهاتهم ، ولم يعلم أن الحقّ سبحانه قادر على حفظهم عنه ، فإنّ ما يكيد بهم من القدرة حصل ، وبالمشيئة يوجد ، ولو كان الأمر به أو إليه لكان أولى الخلق بأن يؤثّر فيه كدحه نفسه ، وحيث لم ينفعه جهده فى سالف أحواله لم يضرهم كيده بما توعدهم به من سوء أفعاله.
قوله جل ذكره : (قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (١٨))
أخرجه من درجته ، ومن حالته ورتبته ، ونقله إلى ما استوجبه من طرده ولعنته ، ثم تخليده أبدا فى عقوبته ، ولا يذيقه ذرة من برد رحمته ، فأصبح وهو مقدّم على الجملة ، وأمسى وهو أبعد الزّمرة ، وهذه آثار قهر العزّة. فأىّ كبد يسمع هذه القصة ثم لا يتفتت؟!.
قوله جل ذكره : (وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٩))
لما أسكن آدم الجنة خلق معه سبب الفتنة ، وهو ما أكرمه به من الزوجة. وأي نقص يكون فى الجنة لو لم يخلق فيها تلك الشجرة التي هى شجرة المحنة لو لا ما أخفى من سرّ القسمة؟.
قوله جل ذكره : (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ)
نسبته ما حصل منهما إلى الشيطان من أمارات العناية ، كانت الخطيئة منهما لكنّه تعالى قال : (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ).