فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (١٥) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ (١٧)
____________________________________
أنا لم نعجز عن الخلق الأول وإنما ينكرون البعث لأنهم (فِي لَبْسٍ) واشتباه والتباس (مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) فليس إنكارا للسابق وإنما شكا بالنسبة إلى اللاحق ، ويحتمل أن يراد ب «لبس» أي لباس ، لأن خلايا الإنسان تتبدل كل آن فهم على طول الزمان في خلق جديد فمن يعرف كونه يبعث كل آن كيف ينكر البعث في الآخرة.
[١٧] إننا نعلم أن الإنسان ينساق وراء وساوس نفسه في البعث ، مع أن اللازم أن ينساق وراء الدليل والبرهان (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) فمنا البدء ومنا الإعادة (وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) من إنكار البعث وغيره (وَ) كيف لا نعلم وساوس نفسه والحال أنا (نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) الوريدان هما العرقان المكتنفان بصفحتي العنق في مقدمه ، وإضافة الحبل إليه للبيان ، أي الحبل الذي هو وريد ، ومعنى قربه سبحانه قربه علما واطلاعا ، فإن الله لا مكان له ، ولعل ذكر حبل الوريد ، لأنه مربوط بالقلب وبالمخ فهو وسط بينهما ، ولا أقرب منه إلى الإنسان ، الذي إنسانيته بمخه وقلبه.
[١٨] نحن أقرب (إِذْ) في الزمان الذي (يَتَلَقَّى) يأخذ ويسجل (الْمُتَلَقِّيانِ) الملكان الموكلان بالإنسان لحفظ أعماله وأفكاره ، فالمراد أنه غني عن الملكين لأنه أقرب إلى الإنسان منهما ، إلا أنه تعالى حيث جعل الدنيا دار الأسباب ، جعلها سببا لحفظ الأعمال ، كما جعل عزرائيل سببا لقبض الأرواح (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ)