كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (٢٩)
____________________________________
وتكاثرهم ، من جراء تلك الأوصاف الثلاثة السابقة ، فهم (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ) أي فراخه (فَآزَرَهُ) فقواه ، أي قوى الزرع فراخه ، إذ الفراخ يقوي قليلا قليلا (فَاسْتَغْلَظَ) ذلك الزرع أي صار من الدقة إلى الغلظة (فَاسْتَوى) واستقام ذلك الزرع بعد الغلظة (عَلى سُوقِهِ) جمع ساق ، فإنه كان في بدو أمره ، بدون فراخ ، وبدون غلظة الساق ، وبدون الاستقامة ، فإذا هبت به ريح أمالته وربما قلعته (يُعْجِبُ) ذلك الزرع (الزُّرَّاعَ) من منظره وفراخه وغلظته وقوته وكذلك بدأ المؤمنون قليلين ، ثم أفرخوا فألحقوا بأنفسهم أناسا آخرين ، فهم كالفراخ بالنسبة إلى المؤمنين الأولين ، وبذلك حصل مؤازرة السابقين للاحقين ، وبذلك صار الأولون أقوياء كأنهم استغلظوا ، لأن من وجد الأعوان يقوى ، وحينذاك قاموا بأنفسهم أشداء ، لا تخوفهم رياح الكفر ، ولا يمثل بهم أعاصير الباطل (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) اللام للعاقبة ، مثل فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ، أي كان عاقبة كونهم كالزرع الكذائي غيظ الكفار ، ولعل الإتيان بهذه الصفة «غيظ الكافرين» لأجل بيان أنهم لغيظهم يكيدون للمؤمنين ، مما يعطي المؤمنين تبرير قتالهم واستئصال شأفتهم ، وبذلك «يظهره على الدين كله» (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ) إشارة إلى أن كل هذه الكثرة التي التفت حول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مما هم كالزرع ، ليسوا من أصحاب الجنة بل المؤمنون منهم فقط كذلك (مَغْفِرَةً) غفرانا لذنوبهم (وَأَجْراً عَظِيماً) في الآخرة ، فدنيا المؤمنين كزرع كذا ، وآخرتهم غفران وأجر.