القدر من الحديث ، وما عدا ذلك فهو ليس من مهمات القرآن ولا أهدافه ؛ لأنّه ليس كتاب تاريخ وسيرة ، بل هو كتاب هداية وموعظة. ولا يبعد أن يكون الصحيح هو الثاني ، والله أعلم.
الملاحظة الرابعة ـ الحوار مع الاسرائيليين :
لا يحدّثنا القرآن الكريم عن حوار المسيح عليهالسلام مع قومه الإسرائيليين ، ولا يذكر تفاصيل الانحرافات التي كان يؤاخذها عيسى عليهالسلام عليهم أو ينقدهم فيها ، ولا الحجج والبراهين التي كان يلقيها عليهم غير المعاجز المذكورة في القرآن ، كما أنّ القرآن لا يتحدّث ـ أيضا ـ عن تفاصيل مقولات الإسرائيليين في عيسى عليهالسلام إلّا بمقدار (قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ ،) أو بهتانهم لمريم عليهاالسلام وادّعائهم قتل المسيح وصلبه ، وهي امور محدودة.
ويكاد تتميّز قصّة عيسى عليهالسلام من بقية قصص اولي العزم بهذه الخصوصية ؛ إذ فصّل القرآن نسبيا في الأنبياء : نوح ، وإبراهيم ، وموسى عليهمالسلام ما لم يفصّله في عيسى عليهالسلام.
ولعلّ السبب في ذلك ـ مضافا إلى ما ذكرناه في الملاحظة الثالثة ـ أنّ القرآن الكريم اعتمد في هذا الأمر على ما تحدّث به عن الإسرائيليين في مواضع عديدة ؛ إذ تناول صفات انحرافهم والكثير من مقولاتهم ومدعياتهم ، كما أشرنا إلى ذلك عند الحديث عن قوم عيسى عليهالسلام ، وكان حوار القرآن والنبي معهم بهذا الشأن مغنيا عن الإشارة إلى الحوار ، أو الحجج التي كان قد استخدمها عيسى عليهالسلام معهم.
وبهذا القدر من الحديث عن قصص الأنبياء نختم حديثنا في هذا الموضوع. نسأله تعالى القبول ، وأن يكون موضع فائدة ونفع للدارسين والمطالعين ، والتوفيق