وبهذا التطوّر الكبير والنتائج المهمة أمكن لهذه الامّة الجديدة أن تحقّق الانتشار الواسع ، والغلبة على الكافرين من بني إسرائيل حتى أصبحوا فوقهم إلى يوم القيامة.
(... وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ...)(١).
الملاحظة الثالثة ـ الحياة الشخصية والعامة لعيسى عليهالسلام :
يلاحظ أنّ القرآن الكريم لم يتناول من الحياة الشخصية لعيسى عليهالسلام إلّا قضية الولادة والإعداد لها ، كما لم يتحدّث عن حياته أيضا ، وبدأ بنبوته وأعماله ونشاطه وحركته إلّا بقدر محدود جدا. وهذا على خلاف ما تحدّث القرآن الكريم عن موسى عليهالسلام وحتى إبراهيم.
والأناجيل التي أرّخت للمسيح عليهالسلام وفصّلت في الحديث عنه أهملت فترات مهمة من حياته الشخصية ، فمن سن الثانية عشرة ـ وكان المسيح قد تحدّث للناس والكهنة وأعجبوا به ـ إلى سن السابعة والعشرين لم تذكر له الأناجيل شيئا من النشاط والعمل (٢).
فهل كان هذا السكوت من القرآن الكريم بسبب عدم أهمية الأحداث التي وقعت لعيسى عليهالسلام ، كما قد يفهم ذلك من سكوت الإنجيل عن المدّة السابقة ، والأناجيل هي كتاب سيرة عيسى عليهالسلام. أو أنّ هذا السكوت القرآني إنّما هو بسبب أنّ الهدف من القصّة كان محصورا بالأهداف السابقة التي كان يمكن تحقيقها بهذا
__________________
(١) آل عمران : ٥٥.
(٢) البحار ، قصص الأنبياء : ٥٢٠.