للنوع وقد يكون للفرد ، وقد يكون للآل والبيت ، وقد تكون للإرادة الانسانية ـ أيضا ـ دور في تهيئة واعداد مقدماته ، ولكنّه يبقى الاصطفاء قرارا وتوفيقا إلهيّا.
وكذلك من خلال بيان الاصطفاء في مسيرته الأرضية من خلال رؤيا عمران ونذر امرأته لله ـ تعالى ـ في إخلاصها ، ورعاية زكريا عليهالسلام في حبه وصفائه وعبادة وطهارة مريم ، وخلوصها لباريها ، واحتجابها عن الأهل والخلق ، وانصرافها عن الدنيا ، وصبرها وتحملها لهذه الآلام ، والامتحان العسير.
الثانية : أنّ القرآن يفصّل أحداث هذه المرحلة ، كما لم يفصّل أحداث أي مرحلة اخرى من مراحل حياة عيسى عليهالسلام ؛ لأنّ الهدف (الرئيس) من قصّة عيسى عليهالسلام ـ كما سوف نعرف ـ يرتبط بهذا التفصيل ، وهذا الهدف هو : معالجة الفكرة العقائدية المركزية في انحراف النصارى.
ولذلك نجد القرآن الكريم يختم كلّا من المقطعين الرئيسين اللذين يتحدثان عن هذه المرحلة ، وهما : مقطع سورة آل عمران وسورة مريم بتأكيد هذه الحقيقة :
(إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ* الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)(١).
(ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ* ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(٢).
الثالثة : أنّ الإسرائيليّين لم يتناولوا مريم عليهاالسلام بالاتهام بعد أن تكلّم عيسى في المهد حيث لا ينسب القرآن الكريم لهم في الحديث عن قصّة عيسى الإصرار على
__________________
(١) آل عمران : ٥٩ ـ ٦٠.
(٢) مريم : ٣٤ ـ ٣٥.