وهذه كرامة من الله ـ تعالى ـ لها ، ما بعدها كرامة.
ب ـ كما طلب منها أن تهزّ جذع النخلة إليها ؛ ليتساقط عليها الرطب الجني ، فيسدّ جوعها وحاجتها إلى الغذاء الجيد الذي يدرّ عليها ـ أيضا ـ باللبن والغذاء لولدها.
ج ـ ثمّ يطلب منها أن تداري نفسها بالأكل والشراب ، وتطمئن إلى حالها ، وتستقر من القلق والاضطراب ، وتقر عينها ، فتسرّ لهذه الولادة الكريمة.
د ـ ثم يذكر لها ما تعالج به المشكلة الرئيسة ، وهو : خوفها من حديث الناس وإفكهم وبهتانهم ؛ ـ إذ يكون التفسير البدوي لظاهرة هذه الولادة في نظر هؤلاء العامة هو : اتهامها بالزنى والإثم ـ وذلك بأن تمتنع عن الحديث مع الناس ، وتقول لهم بالإشارة إلى أنّها قد نذرت للرحمن صوما عن الحديث والكلام (١) بأن تنوي لساعتها وتنذره لله على نفسها.
(فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا* وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا* فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا)(٢).
المواجهة :
٥ ـ بعد هذا النداء والحديث المطمئن للنفس والمطيّب للخاطر المقرون بالعناية
__________________
(١) هذا الصوم يعرف بصوم زكريا حيث يشير القرآن الكريم في سورة مريم في سياق قصّة مريم وعيسى عليهماالسلام إلى هذا الصوم الذي جعل آية لزكريا عليهالسلام : (قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) حيث قد أصبح هذا الصوم عبادة معروفة بينهم.
(٢) مريم : ٢٤ ـ ٢٦.