أوضح لها الرسول أنّ الولادة وإن كانت خارقة للعادة ؛ لأنّها لم تكن بمس بشر ولا ببغي ، ولكنّها هي أمر هيّن على الله ـ تعالى ـ الذي خلق الناس من قبل أن يكونوا شيئا ، وهو قادر على أن يخلق ما يشاء ، واذا قضى أمرا فإنّما يقول له كن فيكون ، كلّ ذلك من أجل أن يتحقّق هدف إلهي من هذه الولادة ، وهي : أن يكون هذا المولود آية للناس ورحمة لهم من الله تعالى.
وسوف يعلّمه الله ـ تعالى ـ الحكمة والتوراة والإنجيل ، ويبعثه رسولا إلى بني إسرائيل ، وإنّ هذا قرار إلهي لا مردّ له من الله تعالى.
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا* فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا* قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا* قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا* قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا* قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا)(١).
(إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ* وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ* قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قالَ كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ* وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ)(٢).
النفخ :
٢ ـ وهنا نفخ الله ـ تعالى ـ بواسطة الرسول في مريم ، كما نفخ من روحه في
__________________
(١) مريم : ١٦ ـ ٢١.
(٢) آل عمران : ٤٥ ـ ٤٨.