الإسلام والإيمان :
(قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ ...)(١).
وهذه المظاهر من أخطر الظواهر التي واجهت الأديان الإلهيّة حين تعرضت للتحريف في العبادة والعلاقة مع الله تعالى مع الاحتفاظ بنفس المفاهيم والشعارات الأصلية ، ووجد المحرفون دائما المبررات والذرائع والعناوين التي يوجهون فيها هذه الانحرافات.
ومن أجل ذلك تبنى الاسلام مبدأ التوقيفية في العبادة والتزم بأنّها منهج معين يضعه الله ـ سبحانه ـ للانسان ليصوغ به غريزة التدين واحساسه بالدين ، ويحدد فيه شكل العلاقة بالله تعالى وصيغتها ، ولا يصح للإنسان أن يتصرف في هذا الأمر بحسب ميوله أو اجتهاده للتعبير عن هذه العلاقة ، والسر في ذلك كله هو : أنّ طبيعة العلاقة بين الله ـ تعالى ـ والإنسان إنّما هي علاقة غيبية ، لأنّ طرفها الآخر هو الله تعالى ، ولا يمكن للإنسان ـ وهو موجود مادي ـ أن يدرك الطريق الذي يوصله للتقرب إلى الله تعالى بنفسه ، فلا بدّ له من أجل تحقيق ذلك أن يشخص الله ـ تعالى ـ له هذا الطريق ، فقد يكون ما يتصوره الإنسان مقربا نحو الله مبعدا عنه ، كما جاء ذلك في بعض النصوص التي وردت عن أهل البيت عليهمالسلام (٢).
__________________
(١) الحجرات : ١٤.
(٢) وقد ورد عن الإمام الصادق لمّا سئل عن العبادة : أنّه قال : «حسن النية بالطاعة من الوجوه التي يطاع الله منها». كما ورد عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال رسول الله «ألا إنّ لكلّ عبادة شرة [الرغبة الشديدة] ثمّ تصير إلى فترة ، فمن صارت شرة عبادته إلى سنتي فقد اهتدى ، ومن خالف سنتي فقد ضلّ ، وكان عمله إلى تبار». الكافي ٢ : ٨٣ و ٨٥.