التمييز به والفضل على الملائكة ؛ لأنّه يعبّر عن خط التكامل الذي يمكن أن يسير به الإنسان ، ويمتاز به على جميع المخلوقات.
نظرية الاستخلاف :
بعد أن تعرّفنا آراء العلماء المختلفة تجاه المفاهيم البارزة التي جاءت في هذا المقطع القرآني ، لا بدّ لنا من معرفة الصورة الكاملة للمقطع القرآني ؛ لنستخلص نظرية استخلاف آدم منها.
صورتان لهذه النظرية.
وهنا صورتان لهذه النظرية بينهما كثير من وجوه الشبه :
الاولى : الصورة التي ذكرها السيد رشيد رضا في تفسيره عن استاذه الشيخ محمّد عبدة ، حيث يرى أنّ القصّة وردت مورد التمثيل ؛ لغرض تقريبها من تناول أفهام الخلق لها ؛ لتحصل لهم الفائدة من معرفة حال النشأة الاولى.
وعلى هذا الأساس يمكننا أن نفهم كثيرا من جوانب هذه المحاورة ، والالفاظ التي استعملت فيها دون أن نتقيد بالمعنى اللغوي العرفي لها :
١ ـ فالله ـ سبحانه ـ أخبر الملائكة بأنّه بصدد أن يجعل في الأرض خليفة عنه ، يودع في فطرته الإرادة المطلقة التي تجعله قادرا على التصرف حسب قدرته ومعلوماته التي لا يمكن أن تصل إلى مرتبة الكمال.
وعلى أساس هذه الإرادة المطلقة ، وهذا العلم الناقص عرف الملائكة أنّ هذا الخليفة سوف يسفك الدماء ويفسد في الأرض ؛ لأنّ ذلك نتيجة طبيعية لما يتمتع به من إرادة مطلقة يسير بها حسب علمه الذي لا يحيط بجميع جوانب المصالح والمنافع ، الأمر الذي قد يوجه الإرادة إلى خلاف الحكمة والمصلحة ، فيقع في الفساد.