ما هي هذه الاسماء؟
وبعد هذا كلّه نجدهم يختلفون في حقيقة هذه المسميات ، والمراد منها في الآية الكريمة :
فالعلّامة الطباطبائي يراها ـ كما في النص السابق ـ موجودات أحياء عقلاء ، ولعلّه يفهم هذه الحياة لها والعقل من قوله تعالى : (ثُمَّ عَرَضَهُمْ ؛) لأنّه استعمل ضمير الجماعة المختص بمن يعقل ، وهذا الاتجاه نجده في بعض الآراء المتقدّمة على العلّامة الطباطبائي نفسه ، كما في حكاية الطبري عن الربيع بن زيد أنّهما قالا : علّمه الله أسماء ذريته وأسماء الملائكة (١).
ولكن الشيخ الطوسي يناقش فكرة الاعتماد على الضمير بقوله : «وهذا غلط ؛ لما بيناه من التغليب وحسنه ، كما قال تعالى : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ ...)(٢)».
والشيخ محمّد عبدة يرى أنّها تعني : جميع الأشياء وجميع ما يتعلق بعمارة الدين والدنيا من غير تحديد ولا تعيين (٣) ولعلّ هذا الاتجاه هو الذي يظهر من كلام الشيخ الطوسي والرازي في تفسيرهما (٤) ، وحكاه الطبرسي عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وعليه أكثر المتأخرين.
وهذا الرأي هو الصحيح الذي ينسجم مع واقع الإنسان من ناحية ، وصحة
__________________
(١) التبيان ١ : ١٣٨.
(٢) النور : ٤٥.
(٣) المنار ١ : ٢٦٢.
(٤) التبيان ١ : ١٣٨ ، والتفسير الكبير ٣ : ١٧٦.