ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً (٥١) وَيَوْمَ يَقُولُ
____________________________________
[٥٢] وكيف تتولون الشيطان وذريته ، مع إن الله هو الخالق والعالم ، وأنه هو المتفرد الوحيد في الكون ، فليس الأبالسة لهم حضور وقت خلق السماوات والأرض ، حتى يكون لهم علم ومعرفة بالأمور ، ولا أنهم أعضاء الله في الخلق وتسيير الكون حتى يكون لهم قوة ودخالة في الشؤون ، والإنسان لا يتملق إلا للعالم القوي المشارك؟ (ما أَشْهَدْتُهُمْ) أي ما أحضرت إبليس وذريته ، وما اتخذتهم شهودا على (خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) حتى يعرفوا الأسرار والكون ، ويكون لهم هذا الشرف ، حتى يقول أحد من حضر خلق الكون ، لا بد وأن يكون له منزلة ، ومقام يستحق به التولي والإطاعة (وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ) فلا كان بعضهم حاضرا وشاهدا عند خلقي لبعضهم الآخرين ، أو المراد أن أرواحهم لم تحضر خلق أجسادهم ، فإن الأرواح ـ في البشر ـ كانت مخلوقة قبل خلق الأجساد (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ) أي الشياطين الذين يضلون البشر ويغوونهم (عَضُداً) أي عونا في تسيير الكون ، والإتيان ب «المضلين» عوض الضمير ، ك «هم» كبيان علة لعدم الاتخاذ ، وتقريع لمن يتخذهم أولياء ، فالله العالم الحكيم لم يتخذ الشيطان عونا ، فكيف يتخذه الإنسان وليا؟ ثم أنه سبحانه لا يتخذ أي أحد عضدا ، وإنما جيء هنا بهذا مجاراة في الكلام.
[٥٣] قد علمنا مبدأ الشيطان ، وعلمنا أنه لم يشهد شيئا ، ولا أشرك في شيء ، فلنرى مصيره ومصير المجرمين الذين اتخذوه وليا من دون الله ، وأطاعوه (وَ) اذكر يا رسول الله (يَوْمَ يَقُولُ) الله سبحانه ،