الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً (١٠٤) وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ
____________________________________
الْأَرْضَ) أي كونوا فيها ، مقابل إرادة فرعون تبعيدكم ، والمراد إما أرض مصر ، فقد سكنها بنوا إسرائيل فيما بعد ، أو الأعم مقابل إرادة فرعون إخراجهم من أرض مصر والشام وفلسطين ـ كما ذكر بعض أهل التفسير ـ أو مطلق الأرض ، أي بقوا هؤلاء ، وذهب أعداءهم (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) وهي القيامة (جِئْنا بِكُمْ) يا بني إسرائيل (لَفِيفاً) قد لف بعضكم في بعض ، فلكم إرث الأرض هنا ، ولكم الآخرة هناك ، أو المراد لفيفا أنتم في آل فرعون ، ليجازى أولئك هناك ، كما جوزوا هنا.
[١٠٦] وإذ قد تقرر ، أن الاقتراحات لا معنى لها ، وأن القران هو وحده كاف دلالة للنبوة ، وحجة على القوم ، يرتد السياق إلى هذا الكتاب الحكيم ليبين ما هو (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ) أي أنزلنا القرآن بالحق ، فإنا لم ننزل القران ، إلا للإيمان به ، واتباع سبيله ، مقابل إنزال الشياطين الكذب على الكهان (وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) أي وقد كان القرآن مصاحبا للحق ، فما فيه هدى ونور ومطابق للواقع ، مقابل ما نزل بالحق ، ولكنه لا يصحب الحق ، كما لو أعطى الولي عبده كتابا ، ليعمل فيه ، وقد كتب فيه اشتباها شيء باطل ، فإن إعطاء المولى بالحق ، لأنه له السلطة على العبد ، وقصده الحق ، لكن الكتاب المعطى ، كان مصاحبا للباطل ، والحاصل أن هذا القرآن حق فاعلا وفعلا ، أو المراد أن الإنزال كان بالحق ، والوصول إلى الرسول كان بالحق ، فلم يطرئه تحريف في البين ، وإن شئت قلت إن الملحوظ إما جهتا الفاعل