لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١)
____________________________________
أصل جوهرها قبل التحريف في الدينين السابقين ، وعلى أيّ فقد كان حول المسجد الأقصى مباركا ببعث الأنبياء ، ونشر تعاليم السماء ، وكأنه سبحانه اختار هذه المناطق ، لأنها الوسط بين الشرق والغرب ، فزحف الدين منها إلى العالم هين يسير بخلاف ما لو كان الدين من أقصى الشرق والغرب ، وإنما أسرينا بالرسول (لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) أي لبعض الآيات الكونية في الأرض والسماء (إِنَّهُ) تعالى (هُوَ السَّمِيعُ) لكل الأصوات فيسمع قول المكذب والمصدق (الْبَصِيرُ) بما يرى ، فيرى المؤمن والكافر والحركات والسكنات ، ثم أن قصة المعراج ليست عجيبة على الله سبحانه ، ومن يؤمن بأصل القرآن ، وإمكان الوحي والرسالة لا بد وأن يؤمن بهذه القصة ، والا فأي فرق بينه وبينها؟ نعم يستغرب هذه القصة الطبيعيون ، ومن إليهم ممن ضيقوا دائرة معارفهم في المحسوسات ، ولم يؤمنوا بما وراء الطبيعة (وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا) (١) ولا بأس بالإشارة إلى مجمل من القصة ، وتفصيلها في الكتب المفصلة : قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أتاني جبرئيل وأنا بمكة ، فقال : قم يا محمد ، فقمت معه ، وخرجت إلى الباب ، فإذا جبرئيل ومعه ميكائيل وإسرافيل ، فأتى جبرئيل بالبراق ، وكان فوق الحمار دون البغل ، خدّه كخد الإنسان وذنبه كذنب البقر ، وعرفه كعرف الفرس ، وقوائمه كقوائم الإبل ، عليه رحل من الجنة ، وله جناحان من فخذيه ، فقال لي جبرئيل : اركب ، فركبت ومضيت ، حتى انتهيت إلى بيت المقدس ، فلما انتهيت إلى بيت المقدس ، إذا بملائكة
__________________
(١) الجاثية : ٢٥.