سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ
____________________________________
[٢] (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ) «سبحان» منصوب بفعل مقدر ، أي أسبح سبحان الإله الذي سار بالنبي ليلا ، فإن الإسراء هو السير ليلا ، والمراد بالعبد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنه من أفضل صفاته أن يكون عبدا ـ كامل العبودية ـ لله ، قالوا : ولذا قدم على الرسالة في التشهد «وأشهد أن محمدا عبده ورسوله» (لَيْلاً) للتوضيح والتأكيد (مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) في مكة ، والكثيرون على أن ذلك كان من دار «أم هاني» بنت «أبي طالب» وإنما أطلق المسجد الحرام عليه ، بعلاقة الكل والجزء ، فإن الجزء قد يطلق على الكل ، للملابسة بينهما ، فمكة يطلق عليها المسجد الحرام (إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) أي الأبعد ، فقد كان أهل مكة يسمون بيت المقدس بالمسجد الأقصى ، لبعده عن محلهم ، مقابل المسجد الأدنى الذي هو المسجد الحرام ـ عندهم ـ ثم أن هذا السير من مكة إلى المسجد الأقصى ، يسمى في عرفنا ب «الإسراء» لأنه سير من هنا إلى هناك ، ثم صعود الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من المسجد الأقصى إلى السماء يسمى «معراجا» لعروجه صلىاللهعليهوآلهوسلم من هناك إلى السماوات ، وقد كان الإسراء والمعراج في ليلة واحدة ، في اليقظة ببدنه الشريف ، حسب ما انعقد عليه إجماع علمائنا ، ودلّ عليه ظاهر القرآن الحكيم ، والروايات المتواترة ، (الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) فإن حول المسجد الأقصى ، كان مبعث الأنبياء ، وخصوصا العظام منهم ، كموسى وعيسى وإبراهيم وصالح وشعيب ويعقوب وإسحاق وإسماعيل وغيرهم عليهمالسلام ، ولعل هذا الإسراء كان لأجل التلميح إلى ربط الديانات الكبرى العالمية واليهودية والمسيحية والإسلام بعضها ببعض ، في