وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (١٢٧) إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)
____________________________________
أقول : فإن قيل كيف قال الرسول لأمثلنّ ، مع أن كلام الرسول ليس إلا وحيا؟ والجواب أنه ما المانع في كونه وحيا ، أن ينزل لإظهار سوء فعلهم ، وأنهم استحقوا مثل ذلك الجزاء ، وكان وحيا ما نزل من القرآن؟ وخلف الوعيد ليس قبيحا.
[١٢٨] (وَاصْبِرْ) يا رسول الله فيما تلاقيه من المكاره في سبيل الدعوة ، ولا تنافي بين الأمرين ، فإن التخيير عام لكل واحد ، وهذا خاص بالرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ) إلا بتوفيقه وأمره وتحت نظره (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) فإن من يدعو إلى الرشاد ، لا بد وأن يحزن إذا رأى الإعراض ، لكن الله سبحانه ينهى نبيه عن الحزن ـ نهي إشفاق وإرشاد ـ كي لا يضيع حزنه عبثا (وَلا تَكُ) يا رسول الله (فِي ضَيْقٍ) أي لا يضيق صدرك (مِمَّا يَمْكُرُونَ) يدبرون من الحيل والمكايد ، لإطفاء الإسلام ، وإخماد صوت الحق ، فإنهم لا يقدرون على ذلك.
[١٢٩] والزم جانب التقوى في الدعوة ، وفي سائر الأمور ف (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا) الكفر والمعاصي ، معهم بالمعونة والنصر والنجاة والحفظ (وَ) مع (الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) يحسنون في أعمالهم ، وهو فوق التقوى ، فإن التقوى ـ مثلا ـ أن لا تكذب ، والإحسان ، أن تسبح الله بلسانك.