وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ
____________________________________
عليهما الشيطان ، ويستدرجهم في المعصية والكفر ، حتى يأتيهم الموت ، وهم بتلك الحالة ، ومن أظهر مصاديق «من به مشرك» الطائفة التي تعبد الشيطان وتتخذه إلها.
[١٠٢] (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ) بأن نسخنا حكما ، كان في الشريعة السابقة ، وأتينا بحكم آخر مكانه ، لأنه أصلح لهذه الأمة من ذلك الحكم المنسوخ (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ) لأنه يعلم المصالح الكامنة في الأحكام ، وإن لكل حكم ظرفا خاصا ، ولذا يبدل حكما إلى حكم ، كما قال سبحانه (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) (١) (قالُوا) أي قال الكفار (إِنَّما أَنْتَ) يا محمد (مُفْتَرٍ) تفتري على الله ، فكيف أنه نسخ الحكم السابق ، وقد حاجّ بعضهم الرسول قائلا : إن كان الحكم الأول صالحا ، كان الحكم الثاني فاسدا ، فكيف يأمر الله بالفساد؟ وإذا كان الحكم الثاني صالحا ، فكيف أمر الله سبحانه بالحكم الأول؟ والجواب واضح ، فإن الأحكام كالأدوية ، فكما لا يصلح أن يقال للطبيب ، لماذا بدلت الدواء؟ كذلك لا يصلح أن يقال للرسول ذلك ، إن البشرية ترقّت في زمن الرسول ، واستعدت لإعطاء النسخة الأخيرة من الأحكام ، كالطالب الذي يدرس في الثانوية ، ما لا يدرس في الابتدائية ، ثم أن قولهم (إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ) كان مطلقا ، وتخصيصه بهذه الحالة ـ أي حالة تبديل الآية ـ لأنهم كانوا يهرجون عند ذلك أكثر ، ويستدلون به على أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مفتر على
__________________
(١) البقرة : ١٠٧.