وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧)
____________________________________
الحياة ، أما إذا عمل البعض ، كانت له فضيلة الاطمئنان القلبي ، وفضيلة القناعة ، وفضيلة الأخلاق الطيبة وما إليها ، وإن تكدرت حياته ، بما يتوجه إليه من غيره ، من الاضراب والفقر الذين أحدثهما غيره ، ممن لا يسير على منهاج الله سبحانه ، نعم لو لم يعمل صالحا ، فقد ـ مع فقد الأمن والغنى ـ الفضيلة أيضا ، فلا اطمئنان له وهو ضجر من الحياة ، سيئ الخلق ، وهكذا (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ) أي نعطيهم (أَجْرَهُمْ) في الدنيا والآخرة (بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) كما مرّ ، فإن الدنيا كالآخرة تظهر فيها نتائج الأعمال ، فمن أهان الناس أهين ، ومن احترمهم احترم ، وعلى هذا المنوال من أكل كثيرا أتخم ، ومن أكل قليلا سلم ، ومن اقتصد لم يفتقر ، ومن أسرف تمسكن.
ورد أن رجلا من حضر موت ، يقال له عبدان الأشرع ، قال : يا رسول الله ، إن امرئ القيس الكندي ، جاورني في أرض ، فاقتطع من أرضي ، فذهب بها مني ، والقوم يعلمون إني لصادق ، ولكنه أكرم عليهم مني ، فسأل رسول الله امرء القيس عنه؟ فقال : لا أدري ما يقول ، فأمره أن يحلف ، فقال عبدان : إنه فاجر لا يبالي أن يحلف ، فقال : إن لم يكن لك شهود ، فخذ بيمينه ، فلما قام ليحلف أنظره ، فانصرفا ، فنزل قوله : (وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ) (١) الآيتان ، فلما قرأهما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال امرئ القيس : أما ما عندي فينفد ، وهو صادق فيما يقول ، لقد اقتطعت أرضه ، ولم أدر كم هي ، فليأخذ من أرضي ما شاء ، ومثلها معها ، بما أكلت من ثمرها ، فنزل فيه ، ومن عمل صالحا الآية.
__________________
(١) النحل : ٩٦.