أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٤٧) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ
____________________________________
[٤٨] (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) منهم أي في حال يقظة وحذر ، فإن الترصد والحذر لا ينفع في الفرار من عذاب الله سبحانه (فَإِنَّ رَبَّكُمْ) أيها البشر (لَرَؤُفٌ) بكم (رَحِيمٌ) حتى بالعاصين أنه مع قدرته لا يفعل بكم ذلك لكي تتوبوا وتعودوا ، فإن قطعتم الصلة تماما ، وما بقي فيكم رجاء عود ، فإن هناك يحل العقاب ولا يفيد كونكم من حضر ، أو سفر ، في غفلة أو تخوف ، ومن غريب أمر الإنسان أنه مع ما يرى من أحوال الأمم السابقة وما يحلّ بمن حواليه من العذاب والنكال ، يسدر في غيّه ولا يرعوي عن ضلاله وإثمه!
[٤٩] إن كل ما في الكون يوحي بالإيمان فكيف لا يؤمن هذا الإنسان؟ وكل ما في الكون يوحي بقدرة الله وإرادته الشاملة ، فكيف لا يخاف الإنسان قدرته وبطشه ويسدر في غيّه؟ (أَوَلَمْ يَرَوْا) أي أليس قد رأى هؤلاء الكفار (إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) من حجر أو شجر أو إنسان أو حيوان أو غيرها (يَتَفَيَّؤُا) من الفيء ، وهو الظل الراجع بعد ما فنى بالشمس ، فالظل بعد الظهر يسمى فيئا ، وقبل الظهر لا يسمى ذلك (ظِلالُهُ) أي ظل ما خلق الله من شيء ، يعني يتراجع ظل كل شيء (عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ) أي عن الطرفين ، فهذا ظل يمتد ويتطاول نحو اليمين فيما إذا طلعت الشمس ، وذلك ظل يمتد ويتطاول نحو اليسار فيما إذا مالت الشمس عن دائرة نصف النهار ، ومشهد الظلال مشهد مثير يوحي بمعنى الحياة المتحركة ، فالظل يمتد ويتقلص وينعدم دلالة