إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١١) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٢)
____________________________________
أيضا ، فلا يقال كان يكفينا العيون والأنهار (إِنَّ فِي ذلِكَ) الإنزال للماء من السماء لإنبات هذه الأشياء والانتفاع به في سائر حوائج البشر (لَآيَةً) دلالة واضحة على وجود إله عليم قدير غير هذه الشركاء التي لا تعقل شيئا (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) في الأمور فيعرفون أن هذه النعم من الله سبحانه لا من غيره ، وخص المتفكرين لأنهم الذين ينتفعون بهذه الآية وغيرها.
[١٣] ومن ثم ينتقل السياق إلى آية أخرى ، ومنفعة جليلة لا حياة للإنسان بدونها ، (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) أجراهما وخلقهما بحيث تنتفعون بهما في حياتكم وحوائجكم (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) ولعل ذكر الشمس بعد ذكر الليل والنهار لما يترتب عليها من فوائد ، فهو تعميم بعد تخصيص ، أما القمر فلا يتوقف عليه ليل ولا نهار ولذا كان ذكره تأسيسا (وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ) سبحانه فهو الذي خلقها وهو الذي يسيرها حسب ما تقتضيه الحكمة (إِنَّ فِي ذلِكَ) التسخير لهذه الأشياء (لَآياتٍ) دلالات على توحيد الله وعلمه وقدرته وسائر صفاته (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) يعملون عقولهم ليدركوا الحقائق ويعرفوا الأشياء وإلا فهل يتمكن عاقل أن يقول إنها خلقت من أنفسها؟ أو خلقها صنم عاجز جاهل؟ إن الإنسان الذي هو أقوى الأشياء ـ حسب الظاهر ـ لا يتمكن من خلق أو تسيير أتفه الأشياء من نفسه بأن يكون جميع اللوازم والأسباب منه فكيف بغير الإنسان؟