إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ (٤٨) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (٤٩)
____________________________________
وإنما قال : «يأكلن» ليطابق رؤيا الملك «يأكلهن سبع عجاف» ومثل هذا التعبير شائع في المجاز ، قال : «أكل الدهر ما جمعت ومالي».
حكى في المجمع : عن زيد بن أسلم أن يوسف عليهالسلام كان يصنع طعام اثنين فيقربه إلى رجل فيأكل نصفه ، حتى كان ذات يوم قربه إليه فأكله كله ، فقال : هذا أول يوم من السبع الشداد.
أقول : ولا بعد في ذلك ، فإن الهواء من القحط ـ غير المصطنع ـ يتغير ويتطلب الجفاف والفناء ، فما يصيب الأرض ، يصيب الحيوان والإنسان.
(إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ) استثناء من «يأكلن» أي أن السبع الشداد تنفق فيها جميع السنابل المحرزة إلا مقدار قليل مما أحصنتم وحفظتم فإنه يبقى ليكون بذرا للرخاء الذي يأتي بعد سنيّ القحط السبع.
[٥٠] (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) الذي ذكرنا من الأعوام الشداد (عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ) يمطرون ، فإن الغيث بمعنى المطر (وَفِيهِ) أي في ذلك العام (يَعْصِرُونَ) ما اعتادوا عصره من أنواع الفواكه في أوقات الخصب والرخاء كالعنب وغيره. وهذا يدل على شدة الخصب حتى أن الناس يتأنقون في المأكل والمشرب. ولعل الإتيان بهذه اللفظة بمناسبة كون الرجل السائل كان الساقي العاصر للملك ، وقد كان هذا إخبارا من يوسف عليهالسلام بعلم الغيب خارجا عن المنام ، لأن رؤيا الملك اشتملت على السبع الشداد ، أما ماذا يكون بعدها ، فلم يكن في الرؤيا.