عَلى رَبِّهِمْ قالَ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٠) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً
____________________________________
عَلى رَبِّهِمْ) أي في معرض خطابه وحسابه ، كالشخص الذي يقف عند الملك وهو مجرم ، فإنه في حال يأس واضطراب ممّا ينطق الملك في حقه من العقاب. ومن المعلوم أن الله لا يرى ، وليس بجسم ، ولا له مكان ، فالمعنى على سبيل المجاز (قالَ) ربهم لهم (أَلَيْسَ هذا) اليوم الذي كان يخبر به الأنبياء وكنتم تنكرونه (بِالْحَقِ) وهو استفهام توبيخ وتقريع (قالُوا) مقرّين مذعنين (بَلى) هو حق (وَرَبِّنا) وإنما حلفوا خوفا ، فإن الخائف يردف كلامه بالحلف استمالة لقلب المخوف منه وإظهارا بأنه يوافق كلام المتكلم (قالَ) الله سبحانه (فَذُوقُوا الْعَذابَ) والمراد ب «الذوق» ليس الذائقة اللسانية ، بل ذوق الجسد فإنه يطلق عليهما (بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) أي بسبب كفركم ، وكان السؤال للإهانة والإذلال.
[٣٢] ثم أخبر سبحانه عن حال هؤلاء الكفار بقوله : (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ) المراد (بِلِقاءِ اللهِ) جزاؤه وعقابه ، كما يقال : فلان لقي عمله ، أي جزاء عمله ، وإلا فليس لله مكان يرى (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ) أي يوم القيامة (بَغْتَةً) أي فجأة من «بغت يبغت» بمعنى فاجأ ، وإنما ذكر ذلك لأنهم في دار الدنيا كانوا لا يحسبون حساب يوم القيامة حتى يستعدوا له. وهل المراد ب «الساعة» الموت ـ كما ورد : من مات قامت قيامته (١) ـ حتى يلائم ما بعده ، أم المراد القيامة ويكون المراد
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٥٨ ص ٧.