ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ (٢٠) أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢١) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٢٢)
____________________________________
يُفْسِدُونَ) (١) ، فقد عاشوا صمّا عميا و (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) فقد كانوا يقولون : إنا لا نستطيع أن نسمع كلام الله ، يريدون إظهار الضجر والاستهزاء ، لا أن المراد عدم استطاعتهم حقيقة (وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) الأدلة والبراهين ، قد سدّوا أسماعهم عن كلامه سبحانه ، وأغمضوا عيونهم عن رؤية آياته ، لقد عاشوا مغلقي البصائر ، كأن ليس لهم سمع ولا بصر.
[٢٢] (أُولئِكَ) البعداء الصادّون الضالّون (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) فإن النفس ، كرأس مال يجب أن يتحفظ الإنسان بها عن العطب ويجلب بها الربح ، وهؤلاء قد خسروها ، حيث عطبت نفوسهم ، ولم يحصلوا على ربح (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) فقد تبدّد كذبهم وافتراؤهم ، وضاع عنهم فلم ينجهم ، فإن عملهم هلك وضاع ، حيث نجا سائر المؤمنين بأعمالهم الطيبة.
[٢٣] (لا جَرَمَ) «لا» كلمة نفي و «جرم» معناه الكسب ، أي لا كسب لهم في النفع بل كسبهم خسران الدنيا والآخرة ، أو بمعنى «لا محالة» و «لا بد» (أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) أي الأكثر خسارة من غيرهم ، لشدة عذابهم ، ولا شك أن الكفار الذين لهم تلك الأوصاف المتقدمة من أكثر الناس عقابا.
__________________
(١) النحل : ٨٩.