اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا
____________________________________
الحق إلى الإفك الذي هو الكذب.
[٣١] ثم بيّن سبحانه سببا آخر لكفرهم ، أنهم أعطوا حق التشريع أي التحليل والتحريم إلى علمائهم ، مع العلم أن هذا الحق خاص بالله سبحانه (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (١) ، (اتَّخَذُوا) أي اتخذ اليهود والنصارى (أَحْبارَهُمْ) جمع «حبر» وهو العالم (وَرُهْبانَهُمْ) جمع «راهب» وهو العابد (أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) أي مع الله ، فإن أخذ الغير يعبّر عنه «من دون» وإن كان مع الأصل.
قال عدي بن حاتم : أتيت رسول الله وفي عنقي صليب من ذهب ، فقال لي : يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك ، قال : فطرحته ثم انتهيت إليه وهو يقرأ من سورة براءة هذه الآية : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً ..) حتى فرغ منها. فقلت له : إنا لسنا نعبدهم. فقال : أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ، ويحلّون ما حرم الله فتستحلونه؟ قال فقلت : بلى قال : فتلك عبادتهم (٢).
أقول الشرك على أربعة أقسام : الشرك في ذات الله ، والشرك في صفاته ، والشرك في أفعاله ، والشرك في أمره ونهيه. فمن قال : إن له شريكا ، أو أن صفاته لغيره ، أو أن قسما من الخلق لسواه ، أو أنه يحق الأمر والنهي لغيره ، فهو مشرك.
(وَ) اتخذوا (الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) ربا من دون الله (وَما أُمِرُوا
__________________
(١) المائدة : ٤٥.
(٢) بحار الأنوار : ج ٩ ص ٩٨.