وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠)
____________________________________
سبحانه (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) وبهذا الانحراف خرجوا عن زمرة الموحّدين ، فإن الله لا يمكن أن يكون له ولد إذ ليس جسما يلد ، كما وصف تعالى نفسه بقوله : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ* اللهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (١) (ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ) إن ألسنتهم اخترعت هذا القول بلا استناد إلى كتاب منزل أو دليل مبين. و «أفواه» جمع «فوه» ، بمعنى : الفم (يُضاهِؤُنَ) أي يشبه قول هؤلاء اليهود والنصارى ، في هذه المقالة (قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا) الذين يجعلون لله شريكا ، فإن كلا القولين تشبيه لا يليق بجلال الله سبحانه ، فإن من له شريك إنما هو كمن له ولد في أنه مخلوق ليس بإله ، وإنما كان التشبيه شركا لأن الشبيه يشارك شبهه في أمر جامع ويفترق عنه في أمور مميزة ، وبذلك يكون مركبا ، والمركب ليس بإله (مِنْ قَبْلُ) وهذا توبيخ لهم ، فإن الأنبياء يأتون لقلع جذور الكفر فإذا ارتدت الأمة إلى مقالة الكفار الذين جاء الأنبياء لمحقهم ، كانت معرضة عن الأنبياء ، وتبيّن أن كلام الأنبياء لم يؤثر فيهم (قاتَلَهُمُ اللهُ) دعاء عليهم بالهلاك ، فإن المفسد يدعى عليه بالموت ليستريح الناس من شره (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) أي كيف يصرفون عن
__________________
(١) سورة الإخلاص : ٢ ـ ٥.