الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٢٤)
____________________________________
الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) فإن من خرج عن طاعة الله بالفسق ، بعد العلم والعرفان ، يطبع على قلبه فلا يلطف به سبحانه ألطافه الخاصة.
[٢٥] ثم بيّن سبحانه مصداقا من مصاديق إتيان الله بأمره ، بعد ما اختار المسلمون الحياة ، وفرّوا من الله والرسول ، في وقعة «حنين» التي كانت قريبة إلى مشاعرهم وأفكارهم عند نزول هذه السورة. وقصة هذه الغزوة باختصار : أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لما فتح مكة خاف الكفار الذين كانوا مبثوثين في الجزيرة أن يأتي الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم على آخرهم فاجتمع هناك جموع كثيرة من هوازن وغيرها ربما بلغ عددهم ثلاثين ألفا ، وساقوا معهم أموالهم ونساءهم وذراريهم ومروا حتى بلغوا «أوطاس» يريدون قتال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فبلغه صلىاللهعليهوآلهوسلم خبر اجتماعهم هناك ، فجمع القبائل ورغّبهم في الجهاد ووعدهم النصر وأن الله وعده أن يغنمهم أموالهم ونساءهم وذراريهم ، فرغب الناس وخرجوا كل قبيلة وفئة تحت راية ، وعقد اللواء الأكبر للإمام أمير المؤمنين عليهالسلام وخرج صلىاللهعليهوآلهوسلم في اثني عشر ألف رجل. فلمّا صلّى الغداة انحدر في وادي حنين والجو لا زال مظلما ، وقد كانت هوازن قد سبقوا المسلمين من الليل وكمنوا في أطراف الجبال ، وحنين واد كثير الانحدار ، فلما انحدر جيش الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في الوادي ، وقد كان أول من انحدر بنو سليم معهم خالد بن الوليد ، وكانوا غافلين عن اختفاء هوازن ، وإذا بهم يرشقون بالسهام كقطر المطر من كل جانب دون أن يروا أحدا وظهرت كتائب هوازن من كل ناحية ، فانهزم بنو سليم ، وكسرت بانكسارهم سائر جيوش الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وفروا صعدا في الجبال والوديان ، وبقي الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمير المؤمنين وجماعة يعدون بالأصابع من أولاد العباس وغيرهم.