يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ
____________________________________
من القياس المنطقي ـ بحذف الأوسط ـ «لو علم الله فيهم خيرا لتولوا» ، مع وضوح أنه لو علم الله فيهم خيرا لم يتولوا؟
والجواب : إن الكلام جار مجرى العرف ، فليس هذا قياسا واحدا بل قياس وزيادة تقديره «لو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ، لكنه علم فيهم عدم الخير فلم يسمعهم» ، «ولو أسمعهم مع علمه عدم الخير فيهم لتولوا» وهذا كما تقول عن ولد لك غير قابل للكسب : «لو علمت أنه غير كاسب لزودته برأس مال» ، «ولو زودته لأتلف» تريد : لو زودته والحال أني أعلم عدم قابليته.
[٢٥] وبعد ما ذكر سبحانه وجوب إطاعة الله والرسول ، ألمع إلى أن في الاستجابة كل الخير كما أراهم ذلك فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا) أي أجيبوا. ولعل السر في الإتيان بباب «الاستفعال» المفيد للطلب ، إفادة أن اللازم كون الجواب عن القلب والضمير ، لا بمجرد اللفظ والظاهر ، فإن طلب الإنسان لأن يجيب إنما بنبع من قلبه وباطنه (لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) وقد تقدم أن ذكر الرسول تعظيما له ، ولأنه الداعي الذي يراه الإنسان ويقابله (إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) فإن الحياة الكاملة إنما هي بالإيمان ، إذ الحياة بمعنى الحس والحركة مرتبة ضعيفة من الحياة ، والمرتبة الأعلى بمعنى السعادة الملازمة للعلم والفضيلة والرفاه والأمن والصحة ، هذا بالنسبة إلى الدنيا وكذلك بالنسبة إلى الآخرة ، فإن حياة الجنة هي الحياة الكاملة التي تستحق أن تسمى حياة ، أما حياة النار فإنها لا تستحق اسم الحياة ، ولذا قال سبحانه : (لا